الواقعي الأوّلي والثانوي والظاهري والأنظار تختلف في أنّ الأخيرين يفيدان الإجزاء ، أو لا يفيدان ، كان (١) الإتيان بعبادة موافقة لأمر ومخالفة لآخر ، أو مسقطا للقضاء والإعادة بنظر ، وغير مسقط لهما بنظر آخر.
فالعبادة (٢) الموافقة للأمر الظاهري تكون صحيحة عند المتكلم والفقيه بناء على أنّ
______________________________________________________
ثبوت الأمرين المذكورين اللّذين بانتفاء أحدهما تنقلب النسبة إلى التساوي ، وحيث إنّهما غير ثابتين ، لاختلاف الأنظار فيهما فلم يثبت كون النسبة بينهما هي العموم المطلق ؛ بل ربما تكون هي التساوي كما عرفت ، كما يمكن أن يكون تعريف الفقيه أعم من تعريف المتكلم على خلاف ما هو المشهور ؛ وذلك إذا أريد بالأمر في تعريف المتكلم خصوص الأمر الواقعي ، مع بناء الفقيه على الإجزاء بموافقة الأمر الظاهري ؛ إذ يصدق حينئذ أن كل ما يوافق الأمر الواقعي مسقط للإعادة والقضاء ؛ ولا عكس ، إذ المفروض : أن المأمور به بالأمر الظاهري مسقط لهما. وليس موافقا للأمر عند المتكلم.
(١) جواب «حيث» في قوله : «وحيث إنّ الأمر ...» إلخ وغرضه : ما يترتّب على أقسام الأمر ، واختلاف الأنظار في الإجزاء بالنسبة إلى الأمر الثانوي والظاهري.
(٢) هذا شروع في بيان صور النسبة بين نظر المتكلم والفقيه : الصورة الأولى : هي التساوي. وقد أشار إليها بقوله : «فالعبادة الموافقة للأمر الظاهري تكون صحيحة عند المتكلم والفقيه» ، فيما إذا كان مراد المتكلم من الأمر في تعريف الصحة بموافقة الأمر أعمّ من الأمر الظاهري والواقعي ، مع كون الفقيه قائلا باقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء ، وحينئذ يتحقق التساوي بين القولين بمعنى : أنّ كلّ ما يوافق الأمر مسقط للإعادة أو القضاء ، وكل ما يسقط الإعادة أو القضاء موافق للأمر.
وكذا يتحقق التساوي بين القولين فيما لو كان مراد المتكلم من الأمر خصوص الأمر الواقعي ، ولم يقل الفقيه بالإجزاء إلّا في الأمر الواقعي ؛ إذ حينئذ كلّما وافق الأمر الواقعي كان مجزئا ، وكلّما لم يوافق الأمر الواقعي لم يكن مجزئا. وأمّا الصورة الثانية : ـ وهي العموم المطلق مع كون العموم من طرف المتكلم ـ فهي ما أشار إليه بقوله : «وعدم اتصافها بها» أي : عدم اتّصاف العبادة بالصحة عند الفقيه بموافقة الأمر الظاهري يعني : الفقيه يقول بعدم الإجزاء في الأمر الظاهري مع قول المتكلم بأنّ المراد بالأمر في تفسير الصحة بموافقة الأمر أعم من الظاهري والواقعي ، فإنّه حينئذ كلّما أجزأ كان موافقا للأمر ، وليس كلّما وافق الأمر كان مجزئا ، فالإجزاء ـ وهو قول الفقيه ـ أخصّ من موافقة الأمر وهو قول المتكلم.