الأمر في تفسير الصحة بموافقة الأمر أعمّ من الظاهري ، مع اقتضائه للإجزاء ؛ وعدم اتصافها بها عند الفقيه بموافقته ، بناء على عدم الإجزاء وكونه مراعى بموافقة الأمر الواقعي وعند المتكلم بناء على كون الأمر في تفسيرها خصوص الواقعي.
تنبيه (١) ، وهو : أنه لا شبهة في أن الصحة والفساد عند المتكلم وصفان اعتباريان
______________________________________________________
وأمّا الصورة الثالثة ـ وهي العموم المطلق ، مع كون العموم من طرف الفقيه ـ فهي ما أشار إليه بقوله : «وعند المتكلم ...» إلخ أي : عدم اتصاف العبادة بالصحة عند المتكلم مع اتصافها بها عند الفقيه ، بناء على كون الأمر في تفسير الصحة بموافقة الأمر هو خصوص الأمر الواقعي عند المتكلم ، مع كون الفقيه قائلا بالإجزاء في مطلق الأمر ، فحينئذ كلّما كان موافقا للأمر كان مجزئا ، وليس كلما كان مجزئا موافقا للأمر عند المتكلم.
فالمتحصل : أنّ النسبة بين القولين لا تنحصر في العموم المطلق ، مع كون العموم من طرف المتكلم كما هو المشهور ؛ بل يمكن التساوي لو قال كلّ من الفقيه والمتكلم بعموم الأمر أو بالخصوص ، أو العموم المطلق مع كون العموم من طرف الفقيه عكس ما هو المشهور. هذا وعبارة المصنف في المقام لا تخلو عن الإجمال.
هل الصحة والفساد حكمان شرعيان أم اعتباريان
(١) الغرض من عقد هذا التنبيه : تحقيق كون الصحة والفساد من الأحكام الشرعية الوضعية الاستقلالية أو التبعية ، أو من الأحكام العقلية ، أو من الأمور الاعتبارية.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الصحة والفساد تارة : تلاحظان بالإضافة إلى الأمر الواقعي الأوّلي من حيث كون المأتي به مطابقا للمأمور به كمّا وكيفا ، ومن حيث عدم كونه مطابقا له كذلك.
وأخرى : تلاحظان بالنسبة إلى الأمر الظاهري والواقعي الثانوي من حيث كون المأتى به مطابقا له شطرا وشرطا ، ومن حيث عدم كونه مطابقا له كذلك.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنّ الصحة والفساد عند المتكلم أمران انتزاعيان ينتزعان عن مطابقة المأتي به للمأمور به وعدم المطابقة.
ولا فرق في ذلك بين إرادة المتكلم خصوص الأمر الواقعي وبين إرادة ما يعمّ الظاهري ، فلا تكون الصحة والفساد حينئذ من الأحكام الشرعية الوضعية ولا من الأحكام العقلية ؛ بل من الأمور الاعتبارية الانتزاعية.
وأمّا الصحة والفساد عند الفقيه فهما من الأحكام العقلية بالإضافة إلى الأمر الواقعي