الأمر السادس (١):
لا تفاوت في نظر العقل أصلا فيما يترتب على القطع من الآثار عقلا ، بين أن يكون حاصلا بنحو متعارف ، ومن سبب ينبغي حصوله منه ، أو غير متعارف لا ينبغي
______________________________________________________
في قطع القطّاع
(١) المقصود من عقد هذا الأمر السادس : هو التنبيه على أمرين :
أحدهما : أنه لا فرق في حجية القطع الطريقي المحض بين قطع القطاع وبين غيره.
ثانيهما : أنه لا فرق في حجية القطع الطريقي بين الحاصل من المقدمات العقلية وبين غيره.
وقبل الخوض في البحث عن حال قطع القطاع لا بد من تحرير محل النزاع ، وتعيين ما هو المراد من القطاع.
فنقول : إن للقطّاع معنيين :
أحدهما : هو المعنى المبالغي ؛ لأن القطاع صيغة مبالغة كضرّاب مثلا ، فيكون بمعنى كثير القطع ، كما تقتضيه صيغة المبالغة.
ثانيهما : بمعنى سريع القطع بمعنى : من يحصل له القطع من أسباب لا ينبغي حصوله منها ، يعني : من يحصل له القطع من الأسباب غير المتعارفة. وكلمة القطاع وإن كانت ظاهرة في المعنى الأول ؛ ولكن المراد منه في المقام هو المعنى الثاني.
إذا عرفت ما هو المراد من قطع القطاع فاعلم : أن المصنف يقول : لا تفاوت في نظر العقل فيما يترتب على القطع من الآثار عقلا ـ وهي التنجيز عند الإصابة والتعذير عند الخطأ ـ بين أن يكون القطع حاصلا من أسباب متعارفة ينبغي حصوله منها ، أو غير متعارفة لا ينبغي حصوله منها ؛ لأن العقل يحكم بوجوب متابعة القطع على كلا التقديرين.
فالقطع الطريقي المحض يكون حجة في نظر العقل ، من دون فرق في ذلك بين أسبابه المتعارفة وغيرها ؛ لأن المناط في ترتب آثار الحجية على القطع هو انكشاف الواقع تمام الانكشاف.
فالمتحصل : أن موضوع حكم العقل بالحجية هو مطلق العلم سواء حصل من سبب ينبغي حصوله منه لمتعارف الناس ، أم حصل من سبب لا ينبغي حصوله منه للمتعارف.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية» :
قوله : «عقلا» قيد «للآثار» والمراد بالآثار العقلية المترتبة على القطع : هي تنجيز