الثاني : لا بد من انتهائه إلى ما استقل به العقل من اتّباع الظن لو حصل له ، وقد تمت مقدمات الانسداد ـ على تقدير الحكومة ـ وإلا فالرجوع إلى الأصول العقلية من البراءة والاشتغال والتخيير ، على تفصيل يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
______________________________________________________
الواقعي من الحرمة والحلية.
وقد عدل المصنف عما في رسائل الشيخ الأنصاري إلى ما هو الموجود في المتن.
فلا بد من الكلام في وجه عدول المصنف حيث عدل من «المكلف» إلى «البالغ» ، ومن «حكم شرعي» إلى «حكم فعليّ واقعي أو ظاهري» ، ومن التقسيم الثلاثي إلى التقسيم الثنائي ، أو ثلاثي آخر.
فنقول : إن توضيح وجه العدول يتوقف على مقدمة وهي : بيان الفرق بين ما في كلام الشيخ «قدسسره» وما في كلام المصنف «قدسسره» والفرق بينهما بوجهين :
أحدهما : أن المراد من المكلف في ظاهر كلام الشيخ «قدسسره» هو المكلف الفعلي ، فلا يصح تقسيمه إلى جميع الأقسام التي منها الشاك في الحكم الواقعي ، غير المنجز الذي تجري فيه البراءة ؛ لأن الشّاك في الحكم ليس مكلّفا فعليا ، مع أن مقتضى التقسيم الثلاثي هو : وجود المقسم في جميع الأقسام ؛ بأن يكون كل قسم عين المقسم مع زيادة قيد. هذا بخلاف البالغ لشموله جميع الأقسام.
وثانيهما : أن متعلّق القطع في كلام المصنف أعم من الحكم الواقعي والظاهري ، وفي كلام الشيخ «قدسسره» مختص بالحكم الواقعي بعد اشتراكهما في كون الحكم فعليا ؛ لعدم ترتب شيء من أحكام القطع ولا الظن ولا الشك على الحكم الإنشائي الذي لم يبلغ مرتبة الفعلية.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه قد عدل المصنف عما في كلام الشيخ «قدسسره» بوجوه : أولها وثانيها : راجعان على بيان وجه العدول عن التقسيم الثلاثي إلى الثنائي ، وثالثها : راجع على وجه العدول عن تثليث الشيخ إلى تثليث آخر.
وأما الوجه الأوّل : فلما عرفت في المقدمة من عدم صحة تقسيم المكلف الفعلي إلى جميع الأقسام التي منها الشاك في الحكم الواقعي ، فلا بد من جعل التقسيم ثنائيا وهو أنه إما قاطع بالحكم أو لا ، «وعلى الثاني : لا بد من انتهائه إلى ما استقل به العقل ...» الخ.
وأما ثانيها : فما أشار إليه بقوله : «وإنما عمّمنا متعلق القطع» إلى قوله : «وخصصنا بالفعلي» وحاصله : أنه لا وجه لتخصيص متعلق القطع بالحكم الواقعي ؛ بل لا بد من تعميمه للواقعي والظاهري ؛ لأن الحكم الظاهري الثابت في موارد الأمارات والأصول