فيما إذا أتى بالأكثر ، ولا يكون إخلال حينئذ إلا لعدم إتيان ما احتمل جزئيته على تقديرها بقصدها ، واحتمال دخل قصدها (١) في حصول الغرض ضعيف (٢) في الغاية ، وسخيف إلى النهاية.
______________________________________________________
(١) أي : الجزئية. هذا دفع توهّم بتقريب : أن دخل قصد جزئية المشكوك فيه في حصول الغرض على فرض جزئيته واقعا مانع عن الامتثال الاحتياطي بإتيان الأكثر ؛ لكونه مخلا بالقصد المزبور ومفوّتا له.
(٢) دفع للتوهّم المذكور وحاصله : أن احتمال دخل قصد الجزئية في حصول الغرض في غاية الوهن ، فالإخلال بقصد الجزئية لا يضر بالاحتياط أصلا. والوجه في وهن احتمال دخل قصد الجزئية في حصول الغرض هو : عدم الدليل على دخله في معلوم الجزئية ، فضلا عن محتملها ؛ بل الدليل قائم على عدم اعتباره ؛ لاقتضاء الإطلاقات المقامية لعدم الاعتبار ، فقصد مشكوك الجزئية أو الشرطية حينئذ يكون تشريعا محرما.
وعلى فرض تسليم قصد الجزئية : فهو مختص بمعلوم الجزئية ، وأما مع الجهل بها فلا دليل على اعتباره فيه ؛ إذ لا إطلاق في دليله ، والمتيقن منه هو صورة العلم بها. هذا تمام الكلام في الموضع الأول ، وهو ما لا يكون الاحتياط مستلزما للتكرار.
وبقى الكلام في الموضع الثاني ، وهو ما يكون الاحتياط مستلزما للتكرار. وقد أشار إليه بقوله : «وأما فيما احتاج إلى التكرار فربما يشكل ...» الخ ، وفي هذا الموضوع الثاني : جهتان :
الأولى : في الامتثال الاحتياطي مع التمكن من الامتثال التفصيلي.
الثانية : في الامتثال الإجمالي ، مع عدم التمكن من الإطاعة العلمية ، وهي ما سيأتي الكلام فيها.
وأما الجهة الأولى : ـ كالصلاة إلى جهتين أو أزيد في اشتباه القبلة ، أو تمييز الثوب الطاهر عن المتنجس في اشتباه الثوب الطاهر بالمتنجّس ـ فقد استشكل فيها بوجوه ثلاثة :
الأول : أن الاحتياط المستلزم للتكرار مخلّ بقصد الوجه ـ وهو الوجوب ، إذ يجب على المكلف أن يقصد الوجوب في الواجبات والندب في المندوبات ـ حيث إنه حين الإتيان بكل واحدة من الصلاتين لا يعلم بوجوبها حتى يقصد الوجوب ؛ بل كل منهما محتمل الوجوب ، فلا يمكن قصد الوجوب بالنسبة إلى واحدة منهما بعينها ، مع أن قصد الوجوب دخيل في تحقق الامتثال حسب الفرض ، ولا فرق في ذلك بين كون الاحتياط