مما يغفل عنه غالبا ، وفي مثله لا بد من التنبيه على اعتباره ودخله في الغرض ، وإلا لأخل بالغرض كما نبهنا عليه سابقا.
وأما (١) كون التكرار لعبا وعبثا : فمع أنه ربما يكون لداع عقلائي ، إنما يضر إذا كان لعبا بأمر المولى (٢) ، لا في كيفية إطاعته (٣) بعد حصول الداعي إليها (٤) ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
الأول : أن التكرار مطلقا لا يكون لعبا بأمر المولى ؛ بل التكرار الكثير يكون لعبا بأمر المولى كالصلاة إلى أكثر من أربع جهات في اشتباه القبلة.
الثاني : أن التكرار يمكن أن يكون لداع عقلائي يخرجه عن اللغوية والعبث ، كما إذا كان تحصيل العلم التفصيلي موجبا لمشقة أو مستلزما لمنّة ؛ بحيث يكون التكرار أهون من تحملهما ، فيكرر الصلاة لذلك ، أو نحوه من الأغراض العقلائية المخرجة لتكرير العبادة عن اللغوية والعبث ، فلا يكون التكرار عبثا ولعبا بأمر المولى بعد انبعاث العبد عن أمره بالنسبة إلى جميع الأفراد.
الثالث : أن عدم صدق الإطاعة مع فرض اللعب بأمر المولى والاستهزاء به لا يختص بصورة التكرار ؛ بل لا يصح المأتي به ولا يكون مجزيا حتى مع العلم التفصيلي بالمأمور به ، أو عدم استلزام الاحتياط للتكرار ؛ كدوران المأمور به بين الأقل والأكثر إذا أتى به مستهزئا ولاعبا بالأمر.
وبعبارة واضحة : أنه إذا كان أصل العمل منبعثا عن أمر المولى ، ولم يكن له داع سواه غاية الأمر : أنه لاعب في طريق الإطاعة وكيفيتها ، لا في نفس الإطاعة التي هي عبارة عن الانبعاث المترتب على بعث المولى ، فالعبث في هذه المرتبة ليس قادحا في تحقق الإطاعة.
فالمتحصل : أن التكرار ليس عبثا أولا ، لإمكان اقترانه بغرض عقلائي ، وعلى تقديره ليس عبثا في نفس الإطاعة ثانيا ؛ بل إنما هو كيفيتها ، وهو غير قادح.
قوله : «وإلا لأخل بالغرض كما نبهنا عليه سابقا» يعني : وإن لم ينبه عليه لأخل بالفرض ، كما نبهنا على لزوم التنبيه على ما يغفل عنه عامة الناس مع دخله في الغرض في بحث التعبدي والتوصلي.
(١) شروع في ردّ الوجه الثالث وقد تقدم توضيح ذلك ، فلا حاجة إلى الإعادة.
(٢) أي : اللعب بأمر المولى هو الاستهزاء به ، فالداعي إلى الفعل حينئذ شيطاني لا رحماني.
(٣) أي : إطاعة الأمر ، والضمير في «إذا كان» راجع على التكرار.
(٤) أي : إلى الطاعة ، والمراد بالداعي إلى الطاعة هو الأمر.