ثانيها (١) : في بيان إمكان (٢) التعبد بالأمارة الغير العلمية شرعا وعدم لزوم محال
______________________________________________________
أو إشارة إلى عدم صغروية الفراغ لتلك القاعدة ؛ إذ موردها هو الشك في ثبوت التكليف لا سقوطه الذي يكون المرجع فيه قاعدة الاشتغال ، فدعوى اقتضاء الأمارة ذاتا للحجية في مرحلة الفراغ في غير محلها ؛ بل المرجع عند الشك في الفراغ قاعدة الاشتغال.
وفي بعض الحواشي ما لفظه : «ولعل وجه التأمل أن اكتفاء بعض المحققين بالظن بالفراغ نظرا إلى عدم لزوم دفع الضرر المحتمل غير مربوط هو بحجية الظن في مقام السقوط ، فإن شأن الحجة أن يقطع معها بعدم الضرر لا أنه يحتمل معها الضرر ، ولا يجب دفعه بحكم العقل ، وهذا أيضا واضح».
في إمكان التعبد بالأمارة الغير العلمية
(١) المقصود من عقد هذا الأمر الثاني ـ بطوله ـ : هو بيان إمكان التعبد بما سوى العلم وجعله طريقا للوصول إلى الواقع كما في الأمارات الظنية ، أو جعله وظيفة مضروبة للجاهل يعمل بها في ظرف الشك والحيرة كما في الأصول العملية.
(٢) وقبل الخوض في البحث تفصيلا لا بد من بيان ما هو المراد بالإمكان في محل الكلام فنقول : إن الإمكان وإن كان له معان كثيرة ـ كما في شرح المنظومة ـ إلا إن ما هو المناسب في المقام أحد معان ثلاثة :
١ ـ الإمكان الذاتي في مقابل الامتناع الذاتي ، وهو من صفات الماهية بمعنى : سلب الضرورة عن الطرفين ، أو عن الطرف المقابل ؛ كإمكان الإنسان في مقابل امتناعه كامتناع اجتماع الضدين أو النقيضين.
٢ ـ الإمكان الوقوعي في مقابل الامتناع الوقوعي ، بمعنى : ما لا يلزم من وقوعه محال في مقابل الامتناع الوقوعي ، وهو ما يلزم من وقوعه محال خارجا ، كما يظهر من دليل ابن قبة.
٣ ـ الإمكان الاحتمالي ، بمعنى : عدم الجزم بامتناع الشيء بمجرد سماعه ، وهو الذي أشار إليه الشيخ الرئيس في كلامه : «كل ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه واضح البرهان».
والفرق بين المعاني الثلاثة واضح ؛ حيث إن المراد من الأول : ملاحظة نفس ماهية الشيء وسلب الضرورة من الطرفين ، أو من الطرف المخالف ، وإنه مما لا يجب ولا يمتنع وجوده.