فيه (١) بلا بيّنة ولا برهان.
وكيف كان (٢) ؛ فما قيل أو يمكن (٣) أن يقال في بيان ما يلزم التعبّد بغير العلم من المحال ، أو الباطل ولو لم يكن بمحال أمور :
أحدها (٤) : اجتماع المثلين من إيجابين أو تحريمين مثلا فيما أصاب ، أو ضدين من
______________________________________________________
وأما تقريب التوهم فيقال : إن حمل الإمكان في كلام الشيخ الرئيس على الاحتمال لا ينافي كونه أصلا في المقام ؛ لاحتمال أن يكون مورد النزاع بين ابن قبة والمشهور في التعبد بالأمارات وعدمه هو الاحتمال بمعنى : أن ابن قبة يكون مدعيا لعدم احتمال التعبد بغير العلم ، والمشهور يكونون مدعين لاحتماله.
وأما توضيح الدفع : فإن الإمكان بمعنى الاحتمال أمر وجداني غير قابل للإنكار حتى يحتاج في إثباته إلى إقامة بيّنة وبرهان ، مع أن المشهور أقاموا البرهان على ذلك ، فيعلم أن مرادهم بالإمكان ليس هو الاحتمال.
(١) يعني : أن الوجدان هو المرجع في الإمكان بمعنى الاحتمال.
توضيح العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(٢) أي : سواء كان الإمكان بمعنى الاحتمال ، أو بمعنى الإمكان الوقوعي.
(٣) هذا شروع في بيان ما استدل به على امتناع وقوع التعبد بالأمارات غير العلمية ، وأنه يترتب عليه محاذير ، وقد ذكر منها ثلاثة أوجه ؛ لأن ما يترتب عليه إما محذور خطابي وملاكي معا ، أو خطابي فقط ، أو ملاكي فقط.
والمراد بالمحذور الخطابي هو : اجتماع الحكمين المتماثلين أو المتضادين في محلّ واحد ؛ كاجتماع وجوبين أو وجوب وحرمة في موضوع واحد.
والمراد بالمحذور الملاكي : أن يكون التنافي بين نفس الملاكين أعني : ما يكون مبدأ للحكم ومتقدما عليه تقدّم العلة على المعلول ؛ كالمصلحة والمفسدة.
(٤) وحاصل ما أفاده المصنف في هذا الوجه من امتناع التعبد بالطريق غير العلمي هو : ترتب المحذور الخطابي والملاكي معا عليه ، أما الأول ـ وهو المحذور الخطابي ـ : فلاستلزامه اجتماع المثلين فيما إذا أدت الأمارة إلى الحكم المماثل للحكم الواقعي ، نظير أدائها إلى الوجوب أو الحرمة أو الإباحة مثلا ، مع كون الحكم الواقعي مثل مؤدى الأمارة ، فيلزم اجتماع المثلين من الوجوبين أو الحرمتين أو الإباحتين ؛ كطهارة العصير العنبي بعد الغليان واقعا مع قيام الأمارة عليها أيضا.
واجتماع الضدين من الوجوب والحرمة ، أو الوجوب والإباحة فيما إذا أدت الأمارة