والجواب (١) : أن ما ادّعي لزومه إما غير لازم أو غير باطل ؛ وذلك لأن التعبد بطريق غير علمي إنما هو بجعل حجيته ، والحجية المجعولة غير مستتبعة لإنشاء أحكام تكليفية بحسب ما أدى إليه الطريق ؛ بل إنما تكون موجبة لتنجز التكليف به إذا أصاب ، وصحة الاعتذار به إذا أخطأ ، ولكون مخالفته وموافقته تجريا وانقيادا ، مع
______________________________________________________
واقعا ، أو إلى حرمة ما هو حرام كذلك ؛ بل أدت إلى كون مؤداها محكوما بسائر الأحكام كما عرفت في المثالين المذكورين. والأولى أن يقول هكذا : «وكونه محكوما بغير الوجوب أو الحرمة من سائر الأحكام».
(١) وهناك أجوبة كثيرة ؛ لكن نكتفي بما أجاب به المصنف رعاية للاختصار.
وما أجاب به المصنف هو بين ما لا يلزم ؛ وإن كان باطلا ، وبين ما ليس بباطل وإن كان لازما ، فاللازم منه غير باطل ، والباطل منه غير لازم.
أما الباطل الغير اللازم : فهو اجتماع المثلين أو الضدين. وأما اللازم الغير الباطل : فهو تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة. هذا مجمل الكلام في الجواب.
وأما توضيح ذلك : فلأن ما أفاده المصنف في الجواب عن المحاذير المتقدمة إما راجع على منع الصغرى وهي لزوم ما ادّعي لزومه ؛ كاجتماع المثلين أو الضدين ، وإليه أشار بقوله ـ «إن ما ادّعي لزومه إما غير لازم» وإما راجع على منع الكبرى ـ وهي بطلان اللازم ـ وإليه أشار بقوله : «أو غير باطل».
وأما منع الصغرى : فلأن الحجية من الاعتبارات القابلة للجعل كالملكية والزوجية ونحوهما ، ومعنى جعلها ترتيب آثار الحجية الذاتية ـ وهي العلم ـ من التنجيز والتعذير على الأمارة غير العلمية التي صارت حجة بالتعبد ، وليس معنى جعل الحجية جعل الحكم التكليفي لمؤدى الأمارة ، حتى يلزم اجتماع المثلين عند الإصابة أو الضدين عند المخالفة بمعنى : أنه إذا قام خبر الواحد على وجوب صلاة الجمعة كان معنى حجيته تنجيز الواقع عند الإصابة ، وتعذير المكلف عند المخالفة لا أن معنى حجيته وجوب صلاة الجمعة حتى يلزم اجتماع المثلين فيما إذا كانت واجبة واقعا ، أو الضدين فيما إذا لم تكن واجبة واقعا.
وعليه : فليس في مورد الأمارة المعتبرة حكم غير الحكم الواقعي حتى يلزم اجتماع المثلين في صورة توافقهما ، أو اجتماع الضدين في صورة تخالفهما.
ومن هنا ظهر : عدم لزوم التصويب أيضا ؛ إذ لزومه يتوقف على ثبوت أمرين : أحدهما : كون مؤدى الأمارة حكما مجعولا.