وإن لم يحدث بسببها إرادة أو كراهة في المبدأ الأعلى (١) إلا إنه تعالى إذا أوحى بالحكم الشأني (٢) من قبل تلك المصلحة أو المفسدة إلى النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أو ألهم به الولي فلا محالة ينقدح في نفسه الشريفة بسببهما (٣) الإرادة أو الكراهة الموجبة للإنشاء بعثا أو زجرا ، بخلاف (٤) ما ليس هناك مصلحة أو مفسدة في المتعلق ؛ بل إنما كانت في نفس إنشاء الأمر به طريقيا (٥).
والآخر واقعي حقيقي عن مصلحة (٦) أو مفسدة في متعلقه موجبة لإرادته ، أو
______________________________________________________
تحصل الإرادة والكراهة في الحكم الحقيقي في المبادئ العالية ، وهي النفس المقدسة النبوية الولوية «صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما الطاهرين» ، فإنه تتحقق الإرادة والكراهة فيهما ، وتترتبان على المصلحة والمفسدة الثابتتين في المتعلقات.
(١) لعدم كونه تعالى محلا للحوادث.
(٢) المراد من الحكم الشأني : هو الحكم الإنشائي ، وهو مرتبة من مراتب الحكم. وضمير «به» راجع على الحكم.
(٣) أي : بسبب المصلحة أو المفسدة تنقدح الإرادة أو الكراهة في نفس النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أو الولي «عليهالسلام» ؛ لأنهما يريدان ما يجعله الله على العباد من الواجبات ، ويكرهان المحرمات.
فيريد أن الواجب «بعثا» ، «أو» يكرهان الحرام «زجرا».
وكيف كان ؛ فإن الإرادة إن كانت بمعنى الشوق المؤكد : فهي ممتنعة في حقه تعالى ، وإن كانت عبارة عن العلم بالنفع كما هو ظاهر عبارة المحقق الطوسي في التجريد في الكيفيات النفسانية حيث قال فيها : «وهما ـ أي : الإرادة والكراهة ـ نوعان من العلم» ، فليست ممتنعة في الباري تعالى ، وظاهر المصنف «قدسسره» هنا : أن الإرادة هي العلم بالنفع والصلاح ، والكراهة هي بالضرر والفساد دون الشوق المؤكد ، وقد أثبت العلم المذكور له تعالى بقوله فيما سيأتي : «وإن لم يكن في المبدأ الأعلى إلا العلم بالمصلحة أو المفسدة».
(٤) أي : «بخلاف ما» أي : الحكم الطريقي الذي «ليس هناك مصلحة أو مفسدة» ، بمعنى : أن الإرادة والكراهة تحدثان في نفس النبي والولي عند وجود المصلحة والمفسدة في المتعلق ، ولا تحدثان إذا لم توجد المصلحة والمفسدة في المتعلق.
(٥) أي : طريق للتنجيز والإعذار ، فإنه ليس في نفس النبي والولي إرادة أو كراهة.
(٦) أي : ناشئ عن مصلحة أو مفسدة في متعلقه ، وهذا هو الحكم حقيقة في مقابل الطريقي الثابت للأمارة.