يذكر لها من الأحكام ، ومرجعه على الأخير (١) إلى القواعد المقررة عقلا أو نقلا لغير القاطع ، ومن يقوم عنده الطريق على تفصيل يأتي في محله إن شاء الله تعالى حسبما يقتضي دليلها (٢).
وكيف كان (٣) ؛ فبيان أحكام القطع وأقسامه يستدعي رسم أمور :
______________________________________________________
(١) أي : المكلف الذي لم يحصل له القطع ، ولا الطريق المعتبر. أي : مرجع المكلف على هذا الفرض إلى القواعد الثابتة عقلا ؛ كالبراءة بمناط قبح العقاب بلا بيان. «أو نقلا» كالبراءة بمناط عدم العلم بالحكم الواقعي.
(٢) أي دليل تلك القواعد ، حيث إن دليل أصالة البراءة يقتضي الرجوع إليها في مورد الشك في نفس التكليف ، ودليل أصالة الاشتغال يقتضي الرجوع إليها في مورد الشك في المكلف به أو في الفراغ وهكذا.
(٣) أي : سواء كان التقسيم ثنائيا أو ثلاثيا ، فبيان أحكام القطع يستدعي رسم أمور سبعة.
في حجيّة القطع وطريقيّته إلى الواقع
فيقال : القطع طريق ـ القطع حجة ، وقد تعرّض الشيخ الأنصاري «قدسسره» لكلا الأمرين حيث قال : «لا إشكال في وجوب متابعة القطع» ، هذا إشارة إلى حجية القطع. إلى أن قال : «لأنه بنفسه طريق إلى الواقع ، وليست طريقيته قابلة لجعل الشارع إثباتا ونفيا». هذا بيان لطريقيته.
إلا إن المصنف اكتفى بذكر حجية القطع بقوله : «لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلا» ، ولعل ذلك لوضوح : أن طريقيّة القطع ذاتية إما بذاتي باب الإيساغوجي أو البرهان ؛ لأن الانكشاف عن الواقع إما نفس ماهية القطع ؛ بحيث لا يرى القاطع إلا الواقع المنكشف وإما لازم لماهيته.
وعلى الأول : كانت طريقيته ذاتية بذاتي باب إيساغوجي ، وعلى الثاني : كانت ذاتية بذاتي باب البرهان ؛ كالزوجية بالنسبة إلى الأربعة. وعلى التقديرين : لا تكون طريقيته قابلة للجعل لا إثباتا ولا نفيا. أما الأول : فلأن ثبوت الشيء لنفسه ضروري. وأما الثاني : فلأن سلب الشيء عن نفسه مستحيل ، هذا على تقدير كون الطريقية ذاتية بذاتي باب الإيساغوجي.
وأما على تقدير كونها ذاتية بذاتي باب البرهان : فلأن ثبوت لازم الشيء له ضروري ، وسلبه عنه مستحيل.