الأمر الأول :
لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع ولزوم الحركة على طبقه جزما ،
______________________________________________________
هذا خلاصة الكلام في طريقية القطع حيث تكون ذاتية غير قابلة للجعل أصلا.
فيقع البحث في حجّية القطع ويقال : إن الحجية على أقسام : الحجية بالمعنى المنطقي ، والحجية بالمعنى الأصولي ، والحجية بالمعنى اللغوي.
إذا عرفت هذه الأقسام فاعلم : أن ما يصح إطلاقه هو الحجة بالمعنى اللغوي لا بالمعنى المنطقي ولا بالمعنى الأصولي ؛ لأن الحجة بالمعنى اللغوي : عبارة عن كل ما يصلح أن يحتج به من دون فرق بين احتجاج المولى على العبد أو العبد على المولى ، أو احتجاج شخص على شخص آخر. ومن الواضح : أن القطع من أوضح ما يصح أن يحتج به عقلا بعد حصول القطع بالتكليف.
فالحجية بالمعنى اللغوي من الأحكام العقلية الصادرة من العقل في مورد القطع بحكم المولى وهو وجوب متابعة القطع ولزوم العمل على وفقه ، كما أشار إليه المصنف بقوله : «لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلا» ، ومثل ذلك لا يكون مجعولا شرعيا لاستغنائها عن الجعل بعد استقلاله بصحة الاحتجاج.
وكيف كان ؛ فحجية القطع وإن لم تكن ذات القطع ولا ذاتياته إلّا إنها تكون من لوازمه الذاتية ، فهي غير مجعولة شرعا ؛ لضرورة ثبوت لوازم الذات كالذاتيات من الأمور الضرورية غير قابلة للجعل أصلا.
وأما عدم إطلاق الحجة بالمعنى المنطقي على القطع : فلأن الحجة المنطقية عبارة عن الوسط الذي يوجب العلم بثبوت الأكبر للأصغر ، ولا بد أن تكون بين الأوسط والأكبر علاقة العلية والمعلولية ، ويكون الأوسط واسطة في الإثبات دائما ، ومع ذلك قد يكون واسطة في الثبوت أيضا ، فالبرهان لميّ إن كان الأوسط علّة للأكبر ، وإنّي أن كان الأمر على عكس ذلك.
ومن المعلوم : إن القطع الطريقي لا يتصف بالحجية ، بهذا المعنى ؛ لأن المفروض : أن الحكم مترتب على الموضوع بما هو هو لا بما أنه مقطوع ، فلا يصح أن يقال : هذا مقطوع الخمرية وكل مقطوع الخمرية حرام فهذا حرام ؛ لأن الكبرى كاذبة لأن الحرام هو الخمر لا مقطوع الخمرية.
وأما عدم إطلاق الحجة بالمعنى الأصولي على القطع : فلأن الحجة الأصولية عبارة عن الأدلة الشرعية التي اعتبرها الشارع حجة لإثبات متعلقاتها ، من دون أن تكون هناك