ولا يخفى (١) : أن النزاع يختلف صغرويا وكبرويا بحسب الوجوه ، فبحسب غير الوجه الأخير والثالث يكون صغرويا ، وأما بحسبهما : فالظاهر أنه كبروي ، ويكون المنع (٢) عن الظاهر إما لأنه من المتشابه قطعا أو احتمالا ، أو لكون حمل الظاهر على ظاهره من التفسير بالرأي.
وكل هذه الدعاوى فاسدة (٣):
أما الأولى : فإنما المراد مما دل على اختصاص فهم القرآن ومعرفته بأهله اختصاص فهمه (٤) بتمامه بمتشابهاته ومحكماته ، بداهة : أن فيه (٥) ما لا يختص به ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى اختلاف مقتضى الوجوه المذكورة ، فالنزاع صغروي بحسب الوجه الأول والثاني والرابع. وكبروي بحسب الوجهين الثالث والخامس. وقد عرفت توضيح ذلك فلا حاجة إلى التكرار والإعادة.
(٢) يعني : يكون سبب منع الكبرى ـ وهي كل ظاهر حجة ـ إما لأن ظاهرا من المتشابه ، وإما لكونه من التفسير بالرأي.
(٣) هذا شروع في جواب المصنف عن الوجوه الخمسة المذكورة.
(٤) أي : الدليل على اختصاص فهم ومعرفته بأهله قد دل على اختصاص فهم القرآن بتمامه بأهله ومن خوطب به.
وحاصل الكلام في المقام : أنه قد أجاب المصنف عن الدعوى الأولى بوجوه :
الوجه الأول : ما أشار إليه بقوله : «فإنما المراد مما دل ...» الخ.
توضيح ذلك : أن المراد من الأخبار الدالة على اختصاص فهم القرآن بأهله هو فهم مجموعة من حيث المجموع ، من متشابهه ومحكمه وناسخه ومنسوخه وعامه وخاصه وظاهره وباطنه وتأويله وتفسيره ، وأنه نزل في ليل أو نهار في سهل أو في جبل ، إلى غير ذلك من الخصوصيات ؛ لا فهم كل آية آية لوضوح : أن في القرآن ما لا يختص علمه وفهمه بهم «عليهمالسلام» ، وهو ما يكون صريحا في معناه كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ...)(١) فإنها صريحة في التحريم.
(٥) أي : أن في القرآن آيات لا يختص فهمها بأهله. هذا خلاصة الكلام في الوجه الأول.
وأما الوجه الثاني : فقد أشار إليه بقوله : «وردع أبي حنيفة ...» الخ.
__________________
(١) المائدة : ٣.