لا محيص عن إرادة الإرجاع إلى ظواهره لا خصوص نصوصه ، ضرورة : أن الآيات التي يمكن أن تكون مرجعا في باب تعارض الروايات أو الشروط ، أو يمكن أن يتمسك بها ويعمل بما فيها ، ليست إلا ظاهرة في معانيها ، ليس فيها ما كان نصا ، كما لا يخفى.
ودعوى العلم الإجمالي (١) بوقوع التحريف فيه بنحو ، إما بإسقاط أو بتصحيف ؛
______________________________________________________
على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردوه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه» (١).
ومنها : ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : «خطب النبي «صلىاللهعليهوآله» بمنى ، فقال : أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاءكم يخالف كتاب فلم أقله» (٢).
ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : سمعته يقول : «من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله فلا يجوز له ، ولا يجوز على الذي اشترط عليه ، والمسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب الله عزوجل» (٣). وهذه الروايات تدل بوضوح على أن الأئمة «عليهمالسلام» ارجعوا الرواة إلى القرآن الكريم ، ولا بد أن يكون إرجاعهم إلى ظواهر الكتاب لا خصوص نصوصه ومحكماته ؛ إذ الآيات المتكفلة للأحكام ليست إلا ظاهرة في معانيها. فمفاد جميع الروايات المذكورة حجية ظواهر القرآن.
ومن هنا يظهر : إنه لا مجال لدعوى الأخباريين ، بل ظواهر الكتاب حجة كغيرها.
فالمتحصل من جميع ما ذكرناه : أن حجية الظواهر مما تسالم عليها العقلاء في محاوراتهم ، وبنوا عليها في جميع أمورهم ، وحيث لم يكن للشارع طريق خاص في محاوراته ؛ بل كان يتكلم بلسان القوم ، ولم يردع عن طريقة العقلاء فهي ممضاة عنده أيضا.
في العلم الإجمالي بوقوع التحريف
(١) العلم الإجمالي بوقوع التحريف في القرآن يمكن أن يكون وجها آخرا لإسقاط ظاهر الكتاب عن الحجية ؛ ولكن لم يتمسك به أحد من الأخباريين ، ولذا لم يذكره الشيخ الأنصاري «قدسسره» في عداد أدلة الأخباريين على عدم حجية ظواهر القرآن ؛ بل تعرض له في التنبيه الثالث من التنبيهات.
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١١٨ / ٣٣٣٦٢ ، عن الراوندي في رسالته في أحوال الحديث.
(٢) المحاسن ١ : ٢٢١ / ١٣٠ ، الوسائل ٢٧ : ١١١ / ٣٣٣٤٨.
(٣) الكافي ٥ : ١٦٩ / ١ ، تهذيب الأحكام ٧ : ٢٢ / ٩٤ ، الوسائل ١٨ : ١٦ / ٢٣٠٤٠.