ثم إن التحقيق أن الاختلاف (١) في القراءة بما يوجب الاختلاف في الظهور مثل : (يَطْهُرْنَ) بالتشديد والتخفيف ، يوجب الإخلال بجواز التمسك والاستدلال ؛ لعدم إحراز ما هو القرآن ، ولم يثبت تواتر القراءات ولا جواز الاستدلال بها وإن نسب إلى المشهور تواترها ؛ لكنه مما لا أصل له ، وإنما الثابت : جواز القراءة بها ، ولا ملازمة بينهما ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
القرآن إن كان بما اتصل بها لأخل بحجيتها قهرا ؛ إذ الخلل المحتمل بالتحريف يكون حينئذ موجبا لاختلال أصل الظهور ، وعدم انعقاده. فإذا احتمل احتفاف ظاهر آيات الأحكام بما يكون مانعا عن انعقاد الظهور لم تجر فيه أصالة الظهور ، إذ مجراها هو الظهور المعلوم ، وأما مشكوك الظهور : فلا مجال لجريانها فيه.
هذا بخلاف احتمال القرائن المنفصلة ، فلا يكون مضرا بحجية أصالة الظهور بالنسبة إلى ظواهر آيات الأحكام ، فالحق هو التفصيل في الإخلال لا عدم الإخلال مطلقا.
فالمتحصل : أن مجرد العلم الإجمالي بالخلل المردد بين آيات الأحكام وغيرها مما لا يخل بحجيتها ؛ ما لم يرجع إلى الشك في قرينية الموجود المتصل بالكلام ، دون الشك في أصل وجود القرينة ، سواء كانت متصلة أو منفصلة ، ودون الشك في قرينية الموجود إذا كانت منفصلة.
في اختلاف القراءات
(١) هل الاختلاف في القراءة يوجب سقوط حجية القرآن في الآية المختلف في قراءتها أم لا؟ فنقول : إنه بعد ما أثبت المصنف «قدسسره» حجية ظواهر آيات الأحكام نبّه على ثبوت الإخلال بالتمسك بظواهر الكتاب بسبب اختلاف القراءات ، الموجب لعدم إحراز ما هو القرآن ، وباختلافها لا يمكن الاستدلال بظاهر القرآن ؛ إذ المفروض : اختلاف الظهور تبعا للقراءة.
وقبل الخوض في البحث عن حكم اختلاف القراءات ينبغي بيان ما هو محل الكلام.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : إن الاختلاف في القراءة على أقسام :
الأول : هو الاختلاف من حيث الصورة فقط ، دون المادة والمؤدى مثل : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(١) ، وملك يوم الدّين ، والفرق بينهما بالعموم والخصوص : إذ المالك أعم من الملك.
__________________
(١) الفاتحة : ٣.