فصل
قد عرفت حجيّة ظهور الكلام في تعيين المرام (١) ، فإن أحرز بالقطع وأن المفهوم منه جزما ـ بحسب متفاهم أهل العرف ـ هو ذا فلا كلام ، وإلا فإن كان لأجل احتمال وجود قرينة فلا خلاف في أن الأصل عدمها ؛ لكن الظاهر : أنه معه يبني على
______________________________________________________
في حجية قول اللغوي
(١) لما فرغ المصنف في الفصل السابق عن بحث كبرى حجية ظواهر الألفاظ ؛ تعرض في هذا الفصل للبحث عن الصغرى وهي : إحراز الظهور بأن يقال : إن هذا اللفظ ظاهر في هذا المعنى أم لا؟ فبأي شيء يثبت الظهور؟ فإن لم يثبت فما هو المرجع عند الشك فيه؟ وقبل الخوض في البحث لا بد من تحرير ما هو محل الكلام في المقام ، ولا شك في خروج ما إذا أحرز الظهور بالقطع والوجدان عن محل الكلام ؛ وإنما الكلام فيما إذا لم يحرز به ، فللمسألة حينئذ صور :
الصورة الأولى : إذا كان الشك في مادة اللغة كمادة الكنز أو الغنيمة ، وكان الشك في الوضع ، وأن الموضوع له هل هو المعنى المعين أم غيره؟
الصورة الثانية : إذا كان الشك في هيئة المفرد ، كما إذا شككنا في معنى الطهور ، فهل هو بمعنى الطاهر في نفسه والمطهّر لغيره ، أو بمعنى شديد الطهارة في نفسه بمقتضى صيغة المبالغة؟
الصورة الثالثة : إذا كان الشك في هيئة الجملة كالشك في الجملة الشرطية ، وأنها هل تدل على العلية المنحصرة حتى يكون لها مفهوم أم لا؟
الصورة الرابعة : إذا كان الشك في وجود قرينة توجب الاختلاف في الظهور.
الصورة الخامسة : إذا كان الشك في قرينية الموجود كقرينية الاستثناء ب إلا للجمل السابقة ، فيما إذا تعقبت الجمل المتعددة باستثناء واحد.
إذا عرفت هذه الصور فاعلم : أن محل الكلام هي الصورة الأولى ، وهي : الشك في مادة اللغة ، فالمعروف والمشهور : أن المرجع فيها هو قول اللغوي وأنه حجة فيها.