واستدل لهم باتفاق العلماء ؛ بل العقلاء على ذلك ، حيث لا يزالون يستشهدون بقوله في مقام الاحتجاج بلا إنكار من أحد ، ولو مع المخاصمة واللجاج ، وعن بعض : دعوى الإجماع على ذلك.
وفيه (١) : أن الإجماع ـ لو سلم اتفاقه ـ فغير مفيد ، مع أن المتيقن منه : هو الرجوع
______________________________________________________
ـ أي : أن نوع الناس يحصل لهم من قول اللغوي الظن ـ وعليه : فهو حجة وإن حصل الظن على خلافه.
وحاصل الكلام في المقام : أنه إن حصل القطع أو الاطمئنان العادي من قول اللغوي ، أو اجتمع فيه ما يعتبر في باب الشهادة من العدد والعدالة : فلا إشكال في التمسك بقوله ، وليس ذلك من باب أنه قول اللغوي ؛ بل من باب حصول القطع الذي هو حجة بنفسه ، وكذا الاطمئنان ، أو من باب حصول شرائط الشهادة الموجبة لحجية متعلقها.
وأما إذا لم يحصل شيء من الأمور المذكورة ـ بأن شك أو ظن أو ظن على خلافه ـ فالمشهور حجية قوله أيضا.
استدل للحجيّة بوجوه
الأول : إجماع العلماء ؛ بل جميع العقلاء على ذلك ، فإنهم قديما وحديثا يرجعون في استعلام اللغات إلى كتب أهل اللغة ، ولذلك ينقلون في الفقه قول اللغوي عند المخاصمة والنزاع ، فإنه لو تنازع اثنان في أن الصعيد هل هو مطلق وجه الأرض أو التراب فقط ، فقال أحدهما بالأول والآخر بالثاني ، ثم تحاكما إلى اللغة وخرج المعنى مما يؤيد أحدهما اقتنع الآخر ، وليس ذلك إلا لارتكاز حجية قول اللغوي ، فإنه لو لم يكن حجة لم يكن وجه للتحاكم إليه ولا لإقناع الخصم.
(١) هذا جواب عن الوجه الأول أعني : ـ اتفاق العلماء ـ والثاني أعني : ـ اتفاق العلماء.
وحاصل الكلام : أنه يمكن الجواب عن الاستدلال المذكور بوجوه :
الأول : عدم ثبوت الاتفاق العملي على الرجوع إلى قول اللغوي لا من العلماء ولا من العقلاء.
الثاني : أنه على تقدير ثبوت الاتفاق المزبور : لا يفيد ذلك الاتفاق شيئا ، إذ مناط حجيته هو الكشف عن قول المعصوم «عليهالسلام» ، أو عن دليل معتبر ، وهو غير ثابت ؛ لاحتمال عدم ثبوت السيرة في زمان المعصوم «عليهالسلام» حتى يكون عدم ردعها مع إمكانه دليلا على إمضائه.