فصل
المشهور بين الأصحاب : حجية خبر الواحد في الجملة (١) بالخصوص ، ولا يخفى :
______________________________________________________
في حجية خبر الواحد
(١) أي : بنحو الإيجاب الجزئي ، في مقابل السلب الكلي بدليل خاص في مقابل حجيته بدليل الانسداد.
وقبل الدخول في البحث لا بد من تحرير محل النزاع ، وتوضيح ذلك يتوقف على تقديم أمور من باب المقدمة :
الأول : أن المراد في خبر الواحد هو ما يكون مقابلا للمتواتر ، أعني : ما لا يفيد العلم بالمخبر به ذاتا ، ولا يكون مقطوع الصدور ، في مقابل ما يفيد العلم بالمخبر به ذاتا من جهة كثرة المخبرين ، فيكون مقطوع الصدور.
ثم الواحد وصف للراوي لا للخبر أي : ما يكون راويه واحدا ، فتعريف «خبر» باللام بأن يقال : الخبر الواحد المشعر بكون الواحد صفة للخبر يكون غلطا وغير صحيح ؛ لأن الخبر الواحد ـ حينئذ ـ يكون في مقابل الاثنين فزائدا ، لا في مقابل المتواتر ، الذي يكون راويه الكثير.
فالحاصل : أن المراد من خبر الواحد في مقابل المتواتر ، فخرج بقوله : ـ خبر الواحد ـ المتواتر.
الثاني : أن ما هو الخارج عن الأصل ـ أعني : عدم حجية الظن ـ هو خبر الواحد في الجملة ، أعني : على نحو موجبة جزئية ، في مقابل سالبة كلية. فالخارج عن الأصل هو صنف خاص ، وهو خبر العادل على قول ، وخبر الثقة على قول آخر ، وهكذا.
الثالث : أن البحث عن حجية خبر الواحد يكون من أهم المسائل الأصولية ؛ إذ غالب الأحكام وأجزاء العبادات وشرائطها إنما تثبت بأخبار الآحاد ، ثم دخول هذا البحث في علم الأصول واضح على قول المصنف ـ وهو عدم حصر موضوع علم الأصول بالأدلة الأربعة ـ وأما على القول بانحصاره فيها : فيشكل في كون البحث عن حجية خبر الواحد من المسائل الأصولية ؛ لأن البحث عن حجيته حينئذ : لم يكن عن أحوال الأدلة