.................................................................................................
______________________________________________________
حينئذ : يعد محققا للموضوع ، فلا مفهوم للقضية الشرطية ؛ لأن مفهومها قضية سالبة بانتفاء الموضوع.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن محل الكلام هي القضية الشرطية التي ليست مسوقة لبيان الموضوع.
وبعبارة أخرى : أن محل الكلام ما إذا كان تعليق الحكم على الشرط ـ في القضية الشرطية ـ شرعيا لا عقليا ، كقوله : «إن رزقت ولدا فاختنه».
وكيف كان ؛ فتقريب الاستدلال بآية النبأ على حجية خبر الواحد من طريق مفهوم الشرط يتوقف على مقدمة وهي : بيان بعض الوجوه والاحتمالات في تقرير مفهوم الشرط في الآية الكريمة في مقام الثبوت.
الأول : أن يكون الموضوع هو النبأ المفروض وجوده على نحو القضية الحقيقية ، كما هو ظاهر كلام المصنف حيث قال : «وإن تعليق الحكم بإيجاب التبين عن النبأ الذي جيء به على كون الجائي به الفاسق» ، فالموضوع هو النبأ الذي جيء به ، والشرط مجيء الفاسق به ، والجزاء وجوب التبين.
فيكون المعنى : النبأ المفروض وجوده «إن جاء به الفاسق فيتبين عنه». ومفهومه : «إن لم يجئ به الفاسق فلا يتبين عنه» ، فالمفهوم يصدق على خبر العادل ؛ لأنه خبر لم يجئ به الفاسق ، فيجب العمل به من دون التبين عنه وهو المطلوب.
وبعبارة أخرى : إن الموضوع هو النبأ ، وله حالتان :
إحداهما : كون الجائي به فاسقا.
والأخرى : عدم كون الجائي به فاسقا.
ووجوب التبين حيث علق على إتيان الفاسق به ينتفي بانتفائه ، فتكون القضية الشرطية ذات مفهوم ؛ لكون تعليق الحكم على الشرط شرعيا لا عقليا.
الثاني : أن يكون الموضوع هو «الجائي بالنبإ» ، فكأنه قيل : «الجائي بالنبإ إن كان فاسقا وجب التبين عن خبره» ، ومفهومه : «إن لم يكن فاسقا فلا يجب التبين عنه».
الثالث : أن يكون الموضوع هو : «نبأ الفاسق» كما هو المشهور ، فكأنه قيل : «إن جاءكم نبأ الفاسق فتبينوا» ، ومفهومه : «إن لم يجئكم نبأ الفاسق فلا تبينوا» ، ثم مجيء الخبر عبارة أخرى عن الإخبار لا أنه شيء آخر غير النبأ ، فمعنى الآية الشريفة حينئذ : «إن أخبركم فاسق فتبينوا» ، ومفهومه : «إن لم يخبركم فاسق فلا تبينوا».