لها على التعبد بما يروي الراوي ، فإنه بما هو راو لا يكون من أهل الذكر والعلم ، فالمناسب إنما هو الاستدلال بها على حجية الفتوى لا الرواية.
وفيه (١) : أن كثيرا من الرواة يصدق عليهم أنهم أهل الذكر والاطّلاع على رأي الإمام «عليهالسلام» ؛ كزرارة ومحمد بن مسلم ومثلهما (٢) ، ويصدق على السؤال عنهم أنه (٣) السؤال عن أهل الذكر والعلم ، ولو كان السائل من ...
______________________________________________________
بعد إعمال الفكر والاجتهاد بما يستفاد منها. وأهل العلم بهذا المعنى هم الفقهاء ، فالآية تدل على وجوب حجية الفتوى ، ووجوب التقليد ؛ لا على وجوب العمل بالخبر وحجيته بما هو خبر لعارف بألفاظ الإمام «عليهالسلام» ؛ لعدم صدق أهل العلم عليه ؛ لأن أهل العلم يطلق على من علم بالقوة الناطقة ، ولا يصدق على من علم بالقوة الباصرة والسامعة.
فالمناسب جعل الآية من أدلة حجية الفتوى لا الرواية.
(١) جواب عن الإيراد المذكور ، توضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٤٨٩» ـ إن أهل العلم وإن كان لا يطلق اصطلاحا على من علم من طريق الحواس الظاهرية كما في المقام ، حيث إن الراوي يعلم كلام المعصوم «عليهالسلام» بالسمع ، فلا يطلق عليه أهل العلم ، وإنما يطلق على خصوص من علم بالقوة الناطقة ؛ إلا إن عدة من الرواة كانوا واجدين لمرتبتين : الفتوى والرواية ، فالآية تدل على حجية قوله من حيث إنه من أهل الذكر ، ويثبت اعتبار قوله من حيث كونه راويا : بعدم الفصل في اعتبار الرواية بينه وبين من لا يكون إلا راويا ، كجملة من الرواة الذين لم يكونوا من أهل الذكر ، يعني : كل من قال باعتبار رواية من كان واجدا لمرتبتين قال باعتبار رواية الواجد لمرتبة الرواية فقط.
كما يثبت اعتبار قول الراوي مطلقا بعدم الفصل أيضا بين ما يكون مسبوقا بسؤال ، وبين غيره ، فإن مقتضى هذه الآية وإن كان حجية قول أهل الذكر ـ دون الرواة ـ في خصوص ما يكون مسبوقا بالسؤال ، فيكون أخص من المدعى ؛ ولكن بعدم الفصل المزبور يتم المطلوب ، ويندفع إشكال الأخصية.
(٢) الأولى أن يقال : «أمثالهما». وضمائر الجمع من قوله : «عنهم» إلى «غيرهم» راجعة على زرارة ومحمد بن مسلم ومثلهما.
(٣) فاعل «يصدق» أي : يصدق أن السؤال عنهم سؤال عن أهل الذكر.
لا يقال : إن سؤال الجهال عن مثل زرارة يعد سؤالا عن أهل الذكر ، أما سؤال مثل محمد بن مسلم عن زرارة أو العكس ، مما يكون السائل هو من العلماء لا يكون مشمولا