ومنها : آية الأذن (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)(*).
______________________________________________________
في آية الأذن
قبل بيان تقريب الاستدلال بها على حجية خبر الواحد ، ينبغي بيان وجه نزولها. عن القمي في تفسيره : «أنه نمّ منافق على النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» فأخبره الله ذلك ، فأحضره النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» وسأله ، فحلف أنه لم يكن شيء مما ينمّ عليه ، فقبل منه النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، فأخذ هذا الرجل بعد ذلك يطعن على النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ويقول : إنه يقبل كل ما يسمع ، أخبره الله أني أنمّ عليه وأنقل أخباره ، فقبل ، فأخبرته أني لم أفعل فقبل» ز فمعنى الآية : من المنافقين من يؤذي النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بالقول حيث يقول : هو أذن أي قوة سامعة ؛ لأنه يستمع إلى كل ما يقال ، ويصغي إليه ويقبله ، ووصف الله تعالى نبيه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بقوله : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ)(١) الآية.
وتقريب الاستدلال بها على حجية خبر الواحد : يتوقف على أمور :
الأول : أن يكون المراد من إيمانه للمؤمنين : هو التصديق الحقيقي بمعنى : ترتيب الأثر الواقعي على قولهم وكلامهم ؛ لا التصديق الصوري بمعنى : إظهار القبول ، وعدم المبادرة إلى التكذيب.
الثاني : أن يكون وجوب تصديقهم ملازما لحجية قولهم ؛ إذ لا معنى لوجوب التصديق إلا الحجية.
الثالث : أن يكون مدحه تعالى لنبيه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بتصديقه للمؤمنين تصديقا حقيقيا ، حتى يكون التصديق الحقيقي حسنا بسبب المدح ، والعمدة هو : إثبات الأمر الأول ، وهو : أن يكون التصديق حقيقيا.
إذا عرفت هذه الأمور من باب المقدمة ، فيقال في تقريب الاستدلال بها على حجية خبر الواحد : إن الله تعالى مدح نبيه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بأنه يصدق المؤمنين ، وتسرية الحكم من النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» إلى غيره إما من جهة دلالة الآية على حسن التصديق مطلقا ، من غير فرق بين النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» وغيره ، وإما من جهة ما دل على حسن المتابعة والتأسي بالنبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ،
__________________
(*) التوبة : ٦١.
(١) تفسير القمي ١ : ٣٠٠ ، بحار الأنوار ٢٢ : ٩٥ / ٤٨.