ثانيها (١) : دعوى اتفاق العلماء عملا ـ بل كافة المسلمين ـ على العمل بخبر الواحد في أمورهم الشرعية ، كما يظهر من أخذ فتاوى المجتهدين من الناقلين لها.
______________________________________________________
في الإجماع العملي على حجية خبر الواحد
(١) الثاني : من وجوه تقرير الإجماع هو : «دعوى اتفاق العلماء عملا» ، وهذا هو الإجماع العملي ، المعبّر عنه بالسيرة ، والمناط في اعتباره هو نفس ما هو المناط في اعتبار الإجماع القولي ، وهو كشفه عن قول المعصوم «عليهالسلام» أو فعله أو تقريره ؛ لا أن الوجه في حجية الإجماع العملي هو كشفه عن الإجماع القولي كما قيل ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥١١».
وكيف كان ؛ فقد استقرت سيرة العلماء ـ بل كافة المسلمين ـ على العمل بخبر الواحد في أمورهم الشرعية.
أما العلماء : فإنا لا نزال نراهم يأخذون بخبر الواحد لاستنباط الحكم الشرعي ، كما يظهر ذلك من كتبهم العلمية.
وأما المسلمون : فقد استقرت سيرتهم طرّا على استفادة الأحكام الشرعية من أخبار الثقات المتوسطة بينهم وبين الإمام «عليهالسلام» أو المجتهد ، حيث نرى استقرار سيرة المقلدين على أخذ الأحكام من الثقات المتوسطة بينهم وبين المجتهد ، فإنهم لا يتوقفون في العمل بما يخبرهم الثقة عن المجتهد ، ويأخذون فتاوى مجتهديهم عن الناقلين ، ومن المعلوم : أن الناقل ليس إلا واحدا.
فالمتحصل : أن جميع المسلمين يعملون بأخبار الثقات على حسب السيرة المستمرة بينهم. هذا تمام الكلام في الوجه الثاني من وجوه تقرير الإجماع ؛ إلا إن المصنف قد أجاب عن هذا التقرير بوجوه :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «مضافا إلى ما عرفت».
وحاصل الوجه الأول : أن السيرة المتشرعة وإن كانت ثابتة على العمل بخبر الواحد ؛ إلا إنه لما كان هؤلاء العاملون به مختلفين فيما هو وجه العمل ومناط اعتباره ، حيث إن بعضهم يعمل به ؛ لأنه خبر عدل إمامي ، وبعضهم يعمل به لأنه خبر الثقة ، وبعضهم يعمل به لأنه مقبول عند الأصحاب ، وبعضهم يعمل به لوجود القرائن ، وبعضهم يعمل به لأن أخبار الآحاد عنده قطعية الصدور ، وبعضهم يعمل به من باب الظن الانسدادي.
ومع مثل هذا الاختلاف في وجه العمل وملاكه لا يمكن أن يقال : بأن إجماعهم العملي كاشف عن رأي الإمام «عليهالسلام» بالحجية ؛ إذ مجرد عملهم به لم يكن