العلم ، وناهيك (١) قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(*) ، وقوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(**).
قلت (٢) : لا يكاد يكفي تلك الآيات في ذلك ، فإنه ـ مضافا إلى أنها وردت
______________________________________________________
إمضاؤه له ؛ بل ثبت ردعه عنه ؛ لأن عموم أو إطلاق الآيات الناهية عن العمل بغير العلم ، وكذا عموم الروايات المتقدمة في أدلة المانعين يشمل هذا البناء العقلائي أيضا ، فيصير موردا للردع ، ومعه لا عبرة به حتى يتمسك به لحجية خبر الواحد.
(١) أي : يكفيك في الردع قوله تعالى : ... ناهيك اسم فاعل من «نهى ينهى» معناه : أن ما نذكره من الآيات والروايات ينهاك عن تطلب غيره ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥١٤».
(٢) وجواب المصنف عن الآيات الناهية : وقد أجاب عن إشكال الردع بالآيات الناهية بوجوه ثلاثة :
الأول : أنها واردة لبيان عدم كفاية الظن في أصول الدين ؛ لأن موردها هو ردع المشركين واليهود والنصارى عن العمل على تقليد آبائهم ، الذي ليس مستندا إلى العلم ، فلا ربط بها بما نحن فيه أعني : إثبات حجية خبر الواحد في الفروع ، فيكون النهي عن اتباع الظن في أصول الدين إرشادا إلى حكم العقل بعدم كفاية الظن فيها ، وهو أجنبي عن المقام ، وهذا ما أشار إليه بقوله : «مضافا ...» الخ.
الثاني : أن المتيقن من الآيات الناهية ـ لو لا المنصرف إليه إطلاقها ـ هو الظن الذي لم يقم على اعتباره حجة ، فالأمارة المعمول بها عند العقلاء ، أو صارت حجة بجعل الشارع خارجة عنها.
وبعبارة أخرى : أن النهي ـ بعد تسليم إطلاقه في الآيات ـ منصرف إلى خصوص الظن الذي لم يقم على اعتباره حجة ، أو هو مجمل ، والمتيقن منه هو : الظن الذي لم يقم على اعتباره دليل ، وعلى التقديرين : لا يشمل بناء العقلاء الذي هو حجة عندهم ، والمراد من الحجة في قوله : «لم يقم على اعتباره حجة» أعم من الحجة الشرعية والعقلائية ، ومن المعلوم : أن خبر الثقة مما قام على اعتباره حجة عقلائية ، فلا يكون مشمولا للآيات الناهية ، وهذا ما أشار إليه بقوله : «ولو سلّم ...» الخ.
الثالث : وهو عمدة الوجوه الثلاثة في الجواب : أن رادعية الآيات الناهية عن سيرة
__________________
(*) الإسراء : ٣٦.
(**) يونس : ٣٦.