ففيه : أن ملاكه إنما هو دعوى العلم بالتكليف بالرجوع إلى الروايات في الجملة إلى يوم القيامة ، فراجع تمام كلامه تعرف حقيقة مرامه.
______________________________________________________
مستقل ؛ بل إما يرجع إلى دليل الانسداد الآتي ، وإما يرجع إلى الوجه الأول المتقدم.
وقد أجاب المصنف عن هذا الإيراد بقوله : «ففيه : أن ملاكه إنما هو دعوى العلم بالتكليف ...» الخ.
وحاصل ما أفاده المصنف في الجواب : إن ملاك دليل المحقق المذكور ليس هو العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعية ؛ ليرجع إلى دليل الانسداد ، ولا العلم الإجمالي بصدور جملة من الروايات المدونة في الكتب المعتبرة ؛ ليرجع إلى الدليل الأول العقلي ؛ بل ملاكه العلم بوجوب الرجوع إلى هذه الروايات فعلا ؛ حتى إذا لم يحصل علم إجمالي بصدور جملة منها ، أو علم إجمالي بتكاليف واقعية يجب التوصل بها بالظن بعد تعذر الوصول إليها بالعلم أو ما هو بحكمه.
وعليه : فمؤديات هذه الروايات : أحكام فعلية لا بد من امتثالها ، ولا فعلية للأحكام الواقعية مع الغض عن قيام الأمارات عليها.
وكيف كان ؛ فهذا العلم شيء ثالث ، فليس علما بالأحكام الواقعية ، وليس علما بصدور أخبار كثيرة ؛ بل يمكن أن يجعل هذا العلم في المرتبة الثالثة بأن نقول : إنا نعلم بتكاليف واقعية ، ونعلم أن هذه التكاليف الواقعية بينت في الكتاب والأخبار الصادرة ، ونعلم بأنا مكلفون بالرجوع إلى ما بأيدينا من الأخبار.
«فراجع تمام كلامه تعرف حقيقة مرامه» ؛ كي يتضح لك الفرق بين دليل الانسداد ، والدليل العقلي الأول ، وبين الدليل العقلي الثالث.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ الوجه الأول : هو العلم الإجمالي بصدور جماعة كثيرة من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة ، المشتملة على الأحكام الإلزامية الوافية بمعظم الفقه ؛ بحيث لو علم تفصيلا ذاك المقدار لانحل علمنا الإجمالي بثبوت التكاليف بين الروايات وسائر الأمارات ، إلى العلم التفصيلي بالتكاليف في مضامين الأخبار الصادرة المعتبرة ، والشك البدوي في ثبوت التكليف في مورد سائر الأمارات غير المعتبرة ، ولازم ذلك : العمل على وفق جميع الأخبار المثبتة للتكليف ، وجواز العمل على طبق النافية منها ؛ فيما إذا لم يكن في المسألة أصل مثبت للتكليف من قاعدة الاشتغال أو الاستصحاب.