فصل
في الوجوه التي أقاموها على حجية الظن وهي أربعة :
الأول (١) : أن مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم الوجوبي أو التحريمي مظنة للضرر ، ودفع الضرر المظنون لازم.
______________________________________________________
في الوجوه العقلية على حجية مطلق الظن
(١) توضيح هذا الوجه الأول يتوقف على مقدمة وهي : أن الظن بالحكم الإلزامي يلازم الظن بالضرر على مخالفته ، سواء كان وجوبا ، كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، أم حرمة : كحرمة شرب التتن.
ومن المعلوم : أن دفعه الضرر المظنون لازم عقلا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن هذا الدليل العقلي مركب ومؤلف من «صغرى» ، وهي كون الظن بالحكم الإلزامي ملازما للظن بالضرر على المخالفة ، و «كبرى» وهي لزوم دفع الضرر المظنون عقلا.
فيقال : ـ عند قيام الظن على الحكم الإلزامي ـ إن في العمل بهذا الظن دفع للضرر ودفع الضرر المظنون لازم عقلا ، فالعمل بالظن بالحكم الإلزامي لازم عقلا ، فالنتيجة هي : حجية الظن ؛ إذ لا معنى للزوم العمل بالظن لو لم يكن حجة ، ومن المعلوم : أن نتيجة الشكل الأول بديهية ، فحينئذ : لا إشكال في النتيجة بعد تمامية الصغرى والكبرى ، فيقع الكلام فيهما.
وأما الصغرى : فبتقريب : أن الظن بالحكم الإلزامي ملازم للظن بأمرين : أحدهما : ترتب العقوبة على مخالفته ، والآخر : ترتب المفسدة عليها إن كان الحكم هو الحرمة ، وفوات المصلحة إن كان هو الوجوب ؛ بناء على مذهب العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، فالحكم علة لاستحقاق المثوبة عند الموافقة ، والعقوبة عند المخالفة ، ومن المعلوم : أن الظن بالعلة ـ وهي الحكم ـ يلازم الظن بالمعلول ، وهو استحقاق المثوبة ، أو العقوبة.
وعليه : فالظن بالحكم الإلزامي مستلزم للظن بالضرر الأخروي أو الدنيوي على مخالفته. أما الأول : فلنرتب الظن بالعقوبة على مخالفته.