الثاني (١) : أنه لو لم يؤخذ بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح.
وفيه (٢) : أنه لا يكاد يلزم منه ذلك ؛ إلا فيما إذا كان الأخذ بالظن أو بطرفه لازما ،
______________________________________________________
عينا ، حيث قال : «ودعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك كالمظنون قريبة جدا فتأمل جيدا».
أو إشارة إلى أن الموارد مختلفة لديهم ، فلا يصح إطلاق القول بأنهم يقتحمون محتمل الفساد ، كما لا يصح إطلاق القول بأنهم يجتنبون عنه ؛ بل لو كانت المفسدة المحتملة كبيرة لا يقدمون في الغالب ، كما لو كان هناك تلف نفس أو ذهاب جميع المال أو ما أشبه ذلك ، بخلاف ما لو كانت صغيرة كاحتمال ذهاب شيء يسير من المال مثلا ، فإطلاق القول في كل من الجانبين غير تام.
هذا تمام الكلام في الوجه الأول من الوجوه العقلية على حجية مطلق الظن.
في الوجه الثاني من الوجوه العقلية
(١) وقد ذكره الشيخ في «الرسائل» ، وتوضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٦٩» ـ أنه يدور الأمر بين العمل بالظن بالحكم ، وبين العمل بالشك والوهم فيه ، ومن المعلوم : تقدم الظن عليهما ، وإلا لزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وفساده بمكان من الوضوح ؛ بحيث لا يحتاج إلى البيان.
(٢) أي : في هذا الوجه من الإشكال : أنه لا يلزم من عدم الأخذ بالظن ترجيح المرجوح على الراجح إلا فيما إذا تم هناك أمران :
الأمر الأول : بأن كان الأخذ بالظن أو بطرفه الذي هو الوهم لازما ؛ إذ لو لم يلزم الأخذ بأحدهما لم يكن مجال للدوران ، حتى يحتم العقل العمل بالظن ترجيحا على الوهم.
الأمر الثاني : هو عدم إمكان الجمع بينهما ، أو عدم وجوب الجمع شرعا من باب الاحتياط.
أما الأول : فكما لو حلف بأن يكون يوم عرفة في كربلاء أو في مكة ، وكان يظن أن الحلف تعلق بالأول ، فإنه لا يمكن الجمع بين الأمرين عقلا.
وأما الثاني : فكما إذا كان الجمع بينهما احتياطا مستلزما لاختلال النظام أو العسر المنفي شرعا ، وحينئذ : يدور الأمر بين ترجيح الظن أو ترجيح الوهم. ولا يدور الأمر بينهما إلا بعد تمامية مقدمات الانسداد ؛ إذ توقف دوران الأمر بين العمل بالظن أو طرفه على مقدمات الانسداد واضح ؛ لأنه ـ بعد أن وجب عقلا امتثال الأحكام ، ولم يجب أو