كان اللازم هو الرجوع إلى العلم أو العلمي ، أو الاحتياط أو البراءة ، أو غيرهما (١) على حسب اختلاف الأشخاص أو الأحوال في اختلاف المقدمات على ما ستطلع على حقيقة الحال.
الثالث : ما عن السيد الطباطبائي (٢) «قدسسره» من : «أنه لا ريب في وجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات ، ومقتضى ذلك (٣) : وجوب الاحتياط بالإتيان بكل ما يحتمل الوجوب ولو موهوما ، وترك ما يحتمل الحرمة كذلك».
ولكن مقتضى قاعدة نفي الحرج (٤) : عدم وجوب ذلك (٥) كله ؛ ...
______________________________________________________
على ما سيأتي توضيحه في دليل الانسداد.
(١) كالاستصحاب وفتوى المجتهد ، والأولى «غيرها» كما في بعض النسخ لرجوع الضمير إلى جميع ما ذكر ؛ لأنها ذكرت على نسق واحد ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٧٢».
وكيف كان ؛ فجواز الرجوع إلى الظن منوط بثبوت مقدمات الانسداد ، فهذا الوجه العقلي لا يثبت حجية الظن إلا بعد ضم سائر مقدمات الانسداد إليه ، فلا وجه لعده دليلا مستقلا.
في الوجه الثالث من الوجوه العقلية
(٢) وهو السيد المجاهد «قدسسره» على ما في «منتهى الدراية ج ٤ ، ص ٥٧٢».
وتوضيحه : أنّا نعلم بوجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات ، ومقتضى هذا العلم الإجمالي : الاحتياط بالإتيان بكل ما يحتمل الوجوب ولو موهوما ، وترك كل ما يحتمل الحرمة كذلك ؛ لكن لما كان هذا الاحتياط موجبا للعسر والحرج : فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط والحرج هو العمل بالاحتياط في المظنونات ، وطرحه في المشكوكات والموهومات ؛ لأن الجمع على غير هذا الوجه بإخراج بعض المظنونات وإدخال بعض المشكوكات والموهومات باطل إجماعا.
(٣) أي : العلم الإجمالي ، وقوله : «كذلك» أي : ولو موهوما ؛ لأنه مقتضى العلم الإجمالي.
(٤) كقوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١).
(٥) أي : عدم وجوب الإتيان بجميع الأطراف المظنونة والمشكوكة والموهومة.
__________________
(١) الحج : ٧٨ ،