الرابع : دليل الانسداد (١) ، وهو مؤلف من مقدمات ، يستقل العقل مع تحققها بكفاية الإطاعة الظنية حكومة أو كشفا على ما تعرف ، ولا يكاد يستقل بها بدونها ، وهي خمس :
______________________________________________________
وخلاصة الإشكال على هذا الوجه : أنه إنما يتم لو فرض عدم قيام الحجة على خلاف الظن ، وفرض أيضا لزوم العمل بالظن أو بالوهم وعدم جواز ترك العمل بإجراء البراءة ، وفرض أيضا عدم إمكان الجمع بين الاحتمالين عقلا أو عدم جوازه شرعا بالاحتياط ؛ لأجل لزوم العسر والحرج المنفي شرعا ، فهذا الدليل يتوقف على تمامية مقدمات الانسداد ، وبدونها لا ينهض دليلا على حجية الظن ، فيرجع إلى دليل الانسداد.
٤ ـ الوجه الثالث : ما عن السيد الطباطبائي «قدسسره» من أنه لا ريب في وجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات ، ومقتضى ذلك : وجوب الاحتياط بالإتيان بكل ما يحتمل الوجوب ولو موهوما ، وترك ما يحتمل الحرمة كذلك.
ولكن مقتضى قاعدة العسر والحرج : عدم ذلك كله ؛ لأنه عسر أكيد وحرج شديد ، فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط وانتفاء الحرج هو : العمل بالاحتياط في المظنونات دون المشكوكات والموهومات ؛ لأن الجمع على غير هذا الوجه باطل إجماعا.
الإيراد عليه : أن هذا الوجه بعض مقدمات الانسداد ، ولا ينتج بدون سائر المقدمات ، ومع ضم سائر المقدمات لا يكون دليلا آخر ؛ بل هو نفس دليل الانسداد.
٥ ـ رأي المصنف «قدسسره» :
عدم تمامية هذه الوجوه الثلاثة على حجية مطلق الظن ؛ لما عرفت من الإيراد على كل واحد منها.
في دليل الانسداد
(١) قبل الخوض في البحث ينبغي بيان ما هو محل الكلام من الظن ، الذي كون مستند حجيته دليل الانسداد.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : الفرق بين الظن الخاص والظن المطلق ، وحاصل الفرق : أن الظن الخاص ما قام على حجيته دليل خاص غير دليل الانسداد ، والظن المطلق ما يكون مستند حجيته دليل الانسداد ، ثم الظن المطلق مطلق من حيث السبب ، والظن الخاص خاص من حيث السبب ؛ بأن يكون سبب الظن خبر العادل أو الثقة مثلا.