.................................................................................................
______________________________________________________
على عقاب المتجري بالقصد ، ثم توضيح تأييدها بجملة من الآيات.
فأما الأخبار التي يظهر منها العقاب على القصد فمنها : قوله «صلىاللهعليهوآله» «نيّة الكافر شرّ من عمله» (١) فيقال في دلالة هذه الرواية على العقاب بالقصد : أن الشرّ من أفعل التفضيل يدل على الزيادة ، فمعناها : أن الكافر يعاقب بالمعصية عملا ، فإذا قصدها يعاقب بطريق أولى ، لأن نيّته شرّ من عمله.
ومنها : «إنما يحشر الناس على نياتهم» (٢) إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ، فالنيّة توجب العقاب إن كانت شرا والثواب إن كانت خيرا».
ومنها : «ما ورد من تعليل خلود أهل النار في النار ، وخلود أهل الجنة في الجنة ، بعزم كل من الطائفتين على الثبات على ما كان عليه من المعصية والطاعة لو خلدوا في الدنيا» (٣) ، فالكفار عزموا الدوام على ما فعلوه في الدنيا لو خلدوا فيها ، وهذا العزم يوجب أن يكونوا مخلدين في النار.
ومنها : ما ورد من أنه إذا التقى المسلمان بسيفهما «فالقاتل والمقتول في النار» ، قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : «لأنه أراد قتل صاحبه» (٤) ، فالمقتول في النار لقصده القتل المحرم (٥). ونكتفي بهذا المقدار رعاية للاختصار.
فالحاصل من الجميع : أن قصد المعصية معصية. وأما الآيات المؤيّدة لهذه الأخبار فمنها : قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٦).
وجه التأييد : أن العذاب على حبّ شيء يؤيد العذاب على قصده ، ولا يدل عليه لضعف القصد عن الحبّ.
ومنها : قوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)(٧) ،
__________________
(١) الكافي ٢ : ٨٤ / ٢ ، الوسائل ١ : ٥ / ٩٥.
(٢) المحاسن ١ : ٢٦٢ / ١٢٥ ، الكافي ٥ : ٢٠ / جزء من ح ١ ، تهذيب الأحكام ٦ : ١٣٥ / جزء من ح ٢٢٨ ، الوسائل ١ : ٤٨ / ٨٧. (٤) البقرة : ٢٢٥.
(٣) المحاسن ٢ : ٣٣٠ / ٩٤ ، الكافي ٢ : ٨٥ / ٥ ، علل الشرائع ٢ : ٥٢٣ / ١ ، الوسائل ١ : ٥ / ٩٦.
(٤) علل الشرائع ٢ : ٤٦١ / ٤ ، الوسائل ١٥ : ١٤٨ / ٢٠١٨٤ ، مسند أحمد ٤ : ٤٠١ ، صحيح البخاري ١ : ١٣ ، صحيح مسلم ٨ : ١٧٠ ، كنز العمال ١٥ : ٢٦ / ٣٩٩١٦.
(٥) ذكر هذه الأمثلة الشيخ في فرائد الأصول ١ : ٤٥.
(٦) النور : ١٩.
(٧) البقرة : ٢٨٤.