حينئذ (١) بلا بيان وبلا برهان كما حققناه في البحث وغيره.
وأما المقدمة الرابعة (٢) : فهي بالنسبة إلى عدم وجوب الاحتياط التام بلا كلام (٣)
______________________________________________________
(١) أي : حين وجوب الاحتياط شرعا. أو حين الاستكشاف كما في بعض الشروح وبهذا كله تبيّن تمامية المقدمة الثالثة ، فمن ناحيتها لا يرد إشكال على دليل الانسداد.
الكلام في المقدمة الرابعة
(٢) وهي تشتمل على مطالب ثلاث.
الأول : عدم وجوب الاحتياط التام ؛ بل عدم جوازه في الجملة.
الثاني : عدم جواز الرجوع في كل مسألة إلى الأصل العملي المناسب لها من استصحاب أو تخيير أو براءة أو اشتغال.
الثالث : عدم جواز الرجوع إلى فتوى مجتهد آخر انفتاحي.
(٣) هذا شروع في المطلب الأول ، وحاصل ما أفاده فيه : إن الاحتياط إن كان عسره مخلا بالنظام ، فلا كلام في عدم وجوبه ؛ بل عدم جوازه عقلا وأما إذا كان الاحتياط مما يوجب العسر فقط ، بلا إخلال بالنظام فعدم وجوبه محل نظر ؛ بل منع نظرا إلى أن أدلة الحرج ، وهكذا أدلة الضرر وإن كانت حاكمة على دليل التكليف والوضع رافعة لهما فيما إذا كانا حرجيين أو ضرريين ، وتوجب حصرهما بما إذا لم يلزم منهما حرج أو ضرر. لكن ذلك إذا كان نفس متعلق التكليف حرجيا أو ضرريا كالوضوء أو الغسل في البرد الشديد ، أو القيام في صلاة المريض ، وأمثال ذلك. وأما إذا كان متعلق التكليف بنفسه في كمال السهولة ؛ ولكن الجمع بين محتملاته احتياطا من جهة العلم الإجمالي هو الذي أوجب العسر أو الضرر ؛ كما إذا تردد الماء المطلق للوضوء بين ألف إناء مثلا ، فهاهنا لا تكون أدلة الحرج حاكمة على قاعدة الاحتياط ؛ إذ العسر لازم من حكم العقل بالجمع بين المحتملات للعلم الإجمالي بالتكليف ، وليس لازما من التكليف الشرعي ؛ كي يرتفع بالحرج أو الضرر.
نعم ؛ لو كان الاحتياط بحكم الشرع ، وقد أوجب العسر والحرج لكثرة الأطراف أمكن القول حينئذ بسقوطه ؛ ولكنه مجرد فرض ، فإنه ليس إلا بحكم العقل دون الشرع.
وفي «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٨٧» ما هذا لفظه : «أن دليل نفي العسر والضرر ونحوهما يحتمل فيه معان كثيرة ، وقد وقع اثنان منها مورد البحث والنقاش بين الشيخ والمصنف «قدسسرهما» ، فاختار الشيخ الأعظم : أن المنفي نفس الحكم الذي ينشأ منه الضرر والحرج ، بدعوى : أن الضرر والحرج من صفات نفس الحكم ؛ بحيث يصح حمل