الأمر الثالث (١) : إنه قد عرفت أن القطع بالتكليف أخطأ أو أصاب ، يوجب عقلا استحقاق المدح والثواب ، أو الذّم والعقاب ، من دون أن يؤخذ شرعا في خطاب.
______________________________________________________
التجري ؛ لانتفاء المصادفة فيه.
٩ ـ تداخل عقابين عند مصادفة التجري مع المعصية الواقعية :
كما نسب إلى صاحب الفصول ، ومقصوده من تصادف التجري مع المعصية : هو اعتقاد حرمة مائع بعنوان كونه خمرا ثم ظهر كونه مغصوبا فهو معصية بالنسبة إلى اعتقاد الحرمة ، وتجري بالنسبة إلى اعتقاد الخمرية.
وحاصل جواب المصنف : أنه لا وجه لاستحقاق عقابين متداخلين بعد اتحاد المنشأ وهو هتك واحد ، وعلى تقدير استحقاق عقابين لا وجه لتداخلهما أصلا.
١٠ ـ رأي المصنف «قدسسره» :
١. أن التجري يوجب استحقاق العقوبة كالمعصية.
٢. إن القطع ليس من العناوين المحسنة أو المقبحة.
٣. عدم تداخل العقاب عند مصادفة التجري مع المعصية ؛ إذ ليس هناك إلا سبب واحد وهو هتك المولى.
وعلى فرض تعدد السبب فلا بدّ من الالتزام بعقابين.
٤. أن مسألة التجري من المسائل الكلامية يبحث فيها عن استحقاق المتجري للعقاب ؛ لا الأصولية ولا الفقهية.
(١) المقصود من عقد هذا الأمر الثالث بيان أمرين :
أحدهما : أقسام القطع.
والآخر : قيام الأمارات الظنيّة المعتبرة ، بل وبعض الأصول مقام بعض أقسام القطع.
وأما أقسام القطع : فهي خمسة.
وحاصل الكلام في توضيح تلك الأقسام : أن القطع إما طريقي محض بمعنى : عدم دخله في متعلقه دخلا موضوعيا ، سواء كان متعلقه موضوعا خارجيا كالقطع بخمرية مائع مثلا ، أم حكما شرعيا تكليفيا كالقطع بوجوب صلاة الجمعة ، وحرمة الغيبة. أو وضعيا ؛ كالقطع بصحة الصلاة مع الطهارة الظاهرية مثلا.
وأما موضوعي ؛ بأن يكون تمام الموضوع أو جزءه ، وعلى كلا التقديرين : إمّا أن يؤخذ على وجه الصفتية أي : بلحاظ كونه صفة قائمة بالقاطع أو المقطوع به وإما على وجه الطريقية. فأقسام القطع الموضوعي أربعة ، وبعد ضم القطع الطريقي المحض إليها يصير