ثم لا ريب (١) في قيام الطرق والأمارات المعتبرة ـ بدليل حجيتها واعتبارها ـ مقام هذا القسم (٢) ، كما لا ريب في عدم قيامها (٣) بمجرد ذلك الدليل مقام ما أخذ في الموضوع على نحو الصفتية من تلك الأقسام.
بل لا بد من دليل آخر (٤) على التنزيل ، فإن (٥) قضية الحجية والاعتبار ترتيب ما
______________________________________________________
فجميع الصور والاحتمالات في القطع المأخوذ في الموضوع هي اثنتان وثلاثون صورة. فما في «منتهى الدراية» من أنها أربع وستون صورة غير صحيح.
ثم الصحيحة منها اثنتا عشرة صورة ، والممتنعة منها عشرون صورة.
(١) هذا إشارة إلى الأمر الثاني ، الذي عرفت بعض الكلام فيه ـ وهو التعرض لبيان قيام الأمارات مقام بعض أقسام القطع ـ الفرق بين الطرق والأمارات : أن الطرق كثيرا ما تطلق على الأدلة المثبتة للأحكام الكلية كخبر الثقة مثلا ، والأمارات على الحجج المثبتة للموضوعات الخارجية كالبيّنة مثلا. وكيف كان ؛ فغرض المصنف من هذا الكلام هو : التعرّض لحكم من أحكام القطع وهو قيام الأمارات والأصول مقامه وعدم قيامهما مقامه.
(٢) أي : القطع الطريقي المحض ، فكما أنه إذا قطع بأن صلاة الجمعة واجبة وجب الإتيان بها ، كذلك إذا قام خبر الواحد على وجوبها وجبت ، وكما أنه لو علم بنجاسة مائع معين وجب الاجتناب عنه ، كذلك إذا قامت البيّنة على نجاسته وجب الاجتناب عنه ؛ إذ معنى جعل الطريق والأمارة بمنزلة القطع ترتيب آثار الواقع على مؤدياتهما ، فدليل اعتبارهما يجعلهما بمنزلة القطع الطريقي.
(٣) أي : الطرق والأمارات. هذا إشارة إلى ما تقدم من المقام الثاني وهو بيان عدم قيام الأمارات بنفس أدلة اعتبارها مقام القطع الموضوعي المأخوذ على وجه الصفتية ، فلا بد لإثبات قيامها مقامه من دليل آخر غير دليل اعتبارها. وقد تقدم وجه ذلك فراجع.
والمراد من الأقسام في قوله : «تلك الأقسام» هي الأقسام الأربعة للقطع الموضوعي.
(٤) يعني : غير دليل حجيتها ، حتى يدل ذلك الدليل الخاص على تنزيل الأمارات منزلة القطع الموضوعي على نحو الصفتية.
(٥) تعليل لقوله : «كما لا ريب في عدم قيامها» وحاصله : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٨٧» ـ أن مقتضى دليل حجية الأمارة كون الأمارة كالقطع في الحجية التي لا تترتب إلا على حيثية طريقية القطع ؛ لا على حيثية كونه صفة من الصفات النفسانية ، فدليل الحجية قاصر عن إثبات جواز قيام الأمارات مقام القطع الموضوعي على وجه الصفتية.