.................................................................................................
______________________________________________________
بالتعبد ، أو كليهما بالتعبد. والأول واضح. وأما الثاني : فكما إذا أحرز المائية بالوجدان والكرّية بالتعبد بأن شك في الكرية ، فتحرز باستصحاب الكرّية.
وأما الثالث ـ بأن يحرز الجزءان بالتعبد في عرض الآخر ـ فكما إذا كانت المائية والكرّية مشكوكتين فيستصحب كل في عرض الآخر ؛ لعدم المانع من شمول الدليل للجزءين في عرض واحد ؛ لكن هذا في غير المقام. وأما في المقام : فشمول الدليل للجزءين في عرض واحد محال ؛ لما عرفت من : استلزامه الجمع بين اللحاظين.
الثالث : إذا كان أحد التنزيلين في طول الآخر ؛ بأن يكون التنزيل الثاني منكشفا بالدلالة العرفية من التنزيل الأول.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا يصح في المقام شمول الدليل للجزءين في عرض واحد ؛ لاستلزامه المحال وهو الجمع بين اللحاظين.
وأما إذا كان التنزيلان طوليين ؛ بأن كان تنزيل أحد الجزءين مستلزما لتنزيل الجزء الآخر ، فلا يصح أيضا ؛ لاستلزامه الدور حينئذ في مقام دلالة الدليل ، فإن إجراء الأصل أو الأمارة ـ لإحراز الجزء الأول ـ متوقف على كون هذا الجزء ذا أثر ؛ لما عرفت في الأمر الأول من عدم إجرائهما فيما لا أثر له ، وكون هذا الجزء ذا أثر يتوقف على وجود الجزء الآخر ، إذ ما لم يجتمع الجزءان لم يتحقق المركب الذي هو ذو أثر ، ووجود الجزء الآخر متوقف على إجراء الأصل أو الأمارة ـ لفرض أن الجزء الثاني يثبت بالجزء الأول المفاد للأصل أو الأمارة للملازمة بينهما ـ وهو دور ظاهر.
مثلا : إذا كان الأثر لمقطوع الخمرية ، فاستصحاب الخمرية متوقف على كونه ذا أثر ، وكونه ذا أثر متوقف على ثبوت الجزء الآخر وهو القطع بالخمر التعبدي ، وثبوت القطع بالخمر التعبدي موقوف على إجراء الاستصحاب في الخمر ، فإجراء الاستصحاب في الخمر موقوف على إجراء الاستصحاب في الخمر بالواسطة ، فهو دور مضمر.
والمتحصل : أن تنزيل المستصحب منزلة الواقع يتوقف على تنزيل القطع التعبدي منزلة العلم بالواقع ؛ لكون الأثر مترتبا على المركب من الواقع والعلم به ، والمفروض : أن تنزيل القطع التعبدي منزلة العلم بالواقع يتوقف على تنزيل المستصحب منزلة الواقع ، فيكون أحد التنزيلين موقوفا على الآخر.
وتطويل الكلام في المقام إنما هو لعدم خلوّ عبارة المصنف عن الإغلاق.
وكيف كان ؛ فدعوى كفاية دليل اعتبار الأمارة لكلا التنزيلين في غير محلها.