.................................................................................................
______________________________________________________
وقد تحصل من جميع ما ذكر : أنه لا بد في صحة تنزيل جزء الموضوع أو قيده بلحاظ ترتب الأثر الشرعي عليه من إحراز جزئه الآخر أو ذاته ـ أعني : المقيد ـ إما بالوجدان ، وإما بدليل يدل على تنزيلهما معا بالمطابقة ، فيما إذا كان جزؤه الآخر أو الذات في طول الجزء الأول أو القيد ، وإلا ـ فإن لم يحرز الجزء الآخر أو الذات بالوجدان ولا بدليل يدل على تنزيلهما معا ولا بدليل آخر مستقل ـ لم يمكن إحرازه بدليل الأمارة التي مؤداها كوجوب الصلاة في المثال المتقدم ، الذي هو الجزء الأول من الموضوع ؛ لاستلزامه الدور كما تقدم توضيحه.
قوله : «فلا يكاد» جواب قوله : «وأما إذا لم يكن كذلك».
قوله : «فيما لم يكن» متعلق بقوله : «فلا يكاد يكون» ، والمراد بالموصول هو الموضوع ، واسم «يكن» ضمير راجع إلى الجزء الآخر ، يعني : إذا لم يكن الجزء الآخر من الموضوع أو ذاته محرزا لا حقيقة ولا تعبدا ، ولم يكن دليل مستقل على إحرازه لم يكن دليل الأمارة أو الاستصحاب دليلا على إحرازه ؛ لما عرفت من استلزامه الدور لو أريد إحرازه بنفس دليل الأمارة أو الاستصحاب.
ومن هنا ظهر : أن قوله «قدسسره» : «فيما لم يكن محرزا» إلى قوله : «دليلا عليه أصلا» مستدرك وتكرار ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ١١٤».
قوله : «لم يكن دليل الأمارة» جواب قوله : «وفيما لم يكن دليل ...» الخ.
يعني : أنه إن كان هناك دليل يدل مطابقة على تنزيل كلا الجزءين فلا إشكال ، وإلا فدليل الأمارة لا يدل على تنزيل الجزء الآخر التزاما ؛ لما عرفت : من إشكال الدور.
قوله : «فإن دلالته» تعليل لقوله : «لم يكن» ، يعني : فإن دلالة دليل الأمارة على تنزيل مؤداها منزلة الواقع «تتوقف على دلالته ...» الخ.
قوله : «بالملازمة» متعلق بقوله : «دلالته» ، يعني : أن دلالة دليل الأمارة على تنزيل المؤدى منزلة الواقع تتوقف على دلالته بالملازمة على تنزيل القطع بالمؤدى منزلة القطع بالواقع الحقيقي.
وجه الملازمة : أن الأثر الشرعي مترتب على القطع بالواقع الحقيقي ؛ لا على المؤدى بما هو ، وحينئذ فدلالة الدليل على أن المؤدى كالواقع تستلزم دلالته على أن المؤدى كالقطع بالواقع الحقيقي ، ليترتب الأثر الشرعي عليه ، وتنزيل القطع كذلك يتوقف على تنزيل نفس الأمارة منزلة القطع ، فيكون مفاد دليل التنزيل جعل الأمارة قطعا تعبديا بالواقع