بالحكم الفعلي لا يمكن أخذه في موضوع حكم فعلي آخر مثله أو ضده ؛ لاستلزامه الظن باجتماع الضدين أو المثلين ، وإنما يصح أخذه في موضوع حكم آخر كما في القطع طابق النعل بالنعل.
قلت (١) : يمكن أن يكون الحكم فعليا ، بمعنى : أنه لو تعلق به القطع على ما هو
______________________________________________________
ضده ؛ لكونه مستلزما لاجتماع المثلين أو الضدين كمورد القطع ؛ النعل بالنعل.
(١) هذا جواب عن الإشكال المذكور. توضيح الجواب يتوقف على مقدمة : وهي : أن الفعلية تتصور على قسمين :
أحدهما : أن يكون الحكم بمثابة لو تعلق به العلم لتنجز على العبد ، وصارت مخالفته موجبة لاستحقاق المؤاخذة عقلا ، مع عدم إرادة المولى أو كراهته به ، وتسمى هذه المرتبة من الفعلية بالفعلية غير التامة ، وتكون برزخا بين الإنشائية التي لا يتنجز معها الحكم بقيام الحجة عليه ، وبين الفعلية التامة التي يكون معها الإرادة والكراهة.
ثانيهما : أن يكون الحكم مقرونا بالإرادة والكراهة ، فيكون تاما في البعث والزجر ، وتسمى هذه المرتبة بالفعلية التامة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الظن كالقطع بالنسبة إلى الحكم الفعلي التام ، فكما لا يمكن أخذ القطع بالحكم الفعلي في موضوع مثله أو ضده فكذلك لا يمكن أخذ الظن بالحكم الفعلي التام في موضوع مثله أو ضده ، فلا فرق بين القطع والظن كما عرفت في الإشكال.
وأما الفعلي غير التام : فيمكن أخذ الظن بحكم في موضوع مثله أو ضده ؛ لأن الحكم المظنون إن كان فعليا بالمعنى الثاني ـ وهو المقرون بالإرادة والكراهة ـ لكان تعلق الإرادة والكراهة بهذا الحكم الفعلي منافيا لتعلق إرادة أو كراهة أخرى به. وأما إذا كان المراد بالفعلية المعنى الأول ـ «أعني : لو تعلق به القطع لتنجز» من دون إرادة أو كراهة ـ فيمكن أن يؤخذ الظن بحكم في موضوع مثله أو ضده ؛ إذ لا ضير حينئذ في اجتماع الحكمين الفعليين ـ كما هو المفروض في المقام ـ مثلا : إذا كانت الحرمة المظنونة للخمر فعلية ـ بمعنى : تنجزها بالقطع من دون كراهة الشارع ـ فلا بأس باجتماعها مع الإباحة أو الكراهة الفعلية.
فالمتحصل : أنه لا مانع من أخذ الظن بحكم فعلي موضوعا لحكم آخر فعلي مثله أو ضده ، فإن الفعلي الذي تعلق به الظن وإن كان على فرض وجوده فعليا ، بمعنى : أنه حكم لو تعلق به العلم لتنجز ، ولكنه غير منجز لعدم تعلق العلم به ، والفعلي الذي قد