فصل
لو شك (١) في وجوب شيء أو حرمته ، ولم تنهض عليه (٢) حجة جاز شرعا وعقلا ترك الأول (٣) وفعل الثاني ، وكان (٤) مأمونا من عقوبة مخالفته (٥) ، كان (٦) عدم نهوض الحجة لأجل فقدان النص (٧) أو إجماله ، واحتماله الكراهة (٨) أو
______________________________________________________
أصالة البراءة
(١) المراد بالشك المأخوذ موضوعا في الأصول العملية ليس بمعنى تساوي طرفيه ؛ بل المراد به : خلاف اليقين والحجة ، بمعنى : عدم الحجة على وجوب شيء في الشبهة الوجوبية ، وعدم الحجة على حرمته في الشبهة التحريمية ، فالمراد بالشك في الوجوب : هو الشك فيه مع العلم بعدم حرمته ؛ كالدعاء عند رؤية الهلال ، كما أن المراد بالشك في الحرمة هو الشك فيها مع العلم بعدم وجوبه ؛ كشرب التتن مثلا ، فيدور الأمر بين الوجوب وغير الحرمة في الأول ، وبين الحرمة وغير الوجوب في الثاني.
وأما مع العلم إجمالا بالوجوب أو الحرمة : فيكون من دوران الأمر بين المحذورين. وسيأتي البحث عنه.
ثم إن المصنف لم يتعرض لجريان البراءة وعدمه في غير الوجوب والحرمة من الاستحباب والإباحة والكراهة ، ولعله لأجل اختصاص الخلاف في البراءة والاحتياط بالتكليف الإلزامي هذا أولا. وثانيا : لو فرض شموله للمستحب والمكروه يظهر حالهما من الواجب والحرام ، فلا حاجة إلى تعميم العنوان.
(٢) على شيء من الوجوب أو الحرمة.
(٣) أي : ترك ما شك في وجوبه ، وكذلك جاز فعل ما شك في حرمته.
(٤) عطف على قوله : «جاز» وهو بمنزلة التفريع على الجواز العقلي والشرعي.
(٥) أي : مخالفة الشيء المشكوك وجوبه أو حرمته.
(٦) أي : سواء «كان عدم نهوض الحجة ...» الخ.
(٧) المراد به : مطلق الدليل لا خصوص الرواية.
(٨) بيان لإجمال النص ، وهذا يكون في صورة الشك في الحرمة ؛ كما إذا قال : «لا