الاستحقاق والفعلية لما صح الاستدلال بها إلا جدلا ، مع وضوح منعه (١) ، ضرورة : أن ما شك في وجوبه أو حرمته ليس عنده (٢) بأعظم مما علم بحكمه ، وليس (٣) حال الوعيد بالعذاب فيه إلا كالوعيد به (٤) فيه ، فافهم (٥).
______________________________________________________
نعم ؛ يثبت الدعوى باعتقاد الخصم ، وهو لا ينفع الأصولي الذي ينكر الملازمة بين نفي فعلية العذاب ونفي الاستحقاق كما لا يخفى.
الثاني : أنه لم يظهر وجه لاعتراف المحدثين بالملازمة ، حيث إن الشبهة لا تزيد على المعصية الحقيقية ، ومن المعلوم : أن أدلة وجوب الاحتياط في المشتبهات ليست بأقوى من أدلة المحرمات المعلومة ، والخصم لا يدعي الملازمة بين الاستحقاق والفعلية في المعصية القطعية ؛ لإمكان تعقبها بالتوبة أو الشفاعة ، فكيف يدعيها في الشبهة؟
قوله : «لما صح الاستدلال بها إلا جدلا» إشارة إلى الوجه الأول ، والقياس الجدلي : ما يتألف من المشهورات والمسلمات كما في علم المنطق.
(١) أي : منع اعتراف الخصم بالملازمة ، وهو إشارة إلى الوجه الثاني.
(٢) أي : عند الخصم وهو المحدث المنكر للبراءة.
(٣) الواو للحال ، يعني : والحال إن الوعيد بالعذاب فيما شك في وجوبه أو حرمته ليس إلا كالوعيد بالعذاب فيما علم وجوبه أو حرمته ، وإن ارتكاب الشبهة ليس بأسوإ حالا من المعصية الحقيقية في عدم فعلية العذاب.
(٤) أي : بالعذاب فيما علم حكمه.
(٥) لعله إشارة إلى أن منشأ دعوى الملازمة إن كان أخبار التثليث الظاهرة في الهلكة الفعلية : فلا بد من رفع اليد عن ظهورها ، وصرفه إلى الاستحقاق ؛ لما عرفت من : أن الشبهة ليست أسوأ حالا من المعصية الحقيقية.
أو إشارة إلى عدم كون الاستحقاق محل الكلام ؛ إذ محل الكلام هو : لزوم الاجتناب شرعا وعدمه ، فالأخباري أيضا لا بد وأن يلتزم بعدم وجوب الاجتناب ؛ لأنه لا محذور فيه ، ومجرد الاستحقاق المحتمل مع القطع بعدم الفعلية لا يكفي في ثبوت الاحتياط.
هذا تمام الكلام في الاستدلال بالآيات على البراءة.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ الاستدلال بقوله تعالى : ـ (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) ـ على البراءة ،