وأما السنة : فبروايات منها (١) : حديث الرفع ، حيث عدّ «ما لا يعلمون» من التسعة
______________________________________________________
الاستدلال بالسنة على البراءة
(١) من الروايات : حديث الرفع ، وهي الرواية المروية عن النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» قال : «رفع عن أمتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والطيرة والحسد والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الإنسان بشفة». ولا إشكال في سند الحديث ؛ لأنه في الخصال (١) والتوحيد (٢) بسند صحيح ، وإنما الكلام في دلالته على البراءة.
وتقريب الاستدلال به عليها : يتوقف على مقدمة ، وهي أمور تالية :
١ ـ أن الرفع في هذا الحديث متعلق بأمور مثل : الخطأ والنسيان وغيرهما ، وكلها موجودة في الخارج ، فالمراد برفع هذه الأمور سوى «ما لا يعلمون» لم يكن تكوينا ؛ لأنها موجودة في الخارج بالضرورة والوجدان.
وحينئذ : لا بد من تقدير شيء من باب دلالة الاقتضاء حتى يكون هو المرفوع حفظا لكلام النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» عن الكذب ، والمقدر المرفوع لا يخلو عن أحد أمور :
الأول : خصوص المؤاخذة في الجميع.
الثاني : جميع الآثار كذلك.
الثالث : الأثر الظاهر في كل واحد منها.
نعم ؛ يمكن أن يكون المرفوع في «ما لا يعلمون» تكوينا فيما إذا كان المراد بالموصول هو الحكم الشرعي.
٢ ـ أن يكون المراد من الآثار المرفوعة بحديث الرفع في غير «ما لا يعلمون» : هي الآثار التي تعرض على موضوعاتها ، من دون أن تكون مقيدة بوجود أحد هذه العناوين ولا بعدمها ؛ إذ لو كانت مقيّدة بوجودها لكانت الآثار ثابتة عند وجود هذه العناوين ؛ كوجوب سجدتي السهو عند زيادة شيء أو نقصانه في الصلاة نسيانا مثلا ، وذلك لأن ثبوت العنوان حينئذ يقتضي وضع الأثر لا رفعه. وأما لو كانت مقيدة بعدم أحد هذه العناوين كانت الآثار مرفوعة بارتفاع موضوعها ، بلا حاجة إلى حديث والرفع كالكفارة في إفطار صوم شهر رمضان عمدا ، حيث تكون مقيدة بعدم كون الإفطار نسيانا ، فترتفع
__________________
(١) الخصال : ٤١٧ / ٩.
(٢) التوحيد : ٣٥٣ / ٢٤.