مخالفته (١).
لا يقال (٢) : لا يكاد يكون إيجابه مستتبعا لاستحقاقها على مخالفة التكليف المجهول ؛ بل على مخالفة نفسه ، كما هو قضية إيجاب غيره (٣).
فإنه يقال (٤) : هذا إذا لم يكن إيجابه طريقيا ؛ وإلا ...
______________________________________________________
(١) أي : مخالفة التكليف ، و «المستتبع» صفة ل «عدم إيجابه» يعني : لما كان إيجاب الاحتياط علة للمؤاخذة ، فنفيه علة لعدمها.
(٢) توضيح الإشكال يتوقف على مقدمة وهي : إن كل واجب بالوجوب المولوي في الشرع في مخالفته عقاب وفي امتثاله وموافقته ثواب ، فإذا ارتفع الوجوب يرتفع العقاب على مخالفته.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن رفع إيجاب الاحتياط لا يوجب رفع المؤاخذة على التكليف المجهول ؛ بل يوجب رفعها على نفسه ؛ وذلك لما عرفت في المقدمة من أن شأن الوجوب المولوي هو استحقاق المؤاخذة على مخالفته ، فوجوب الاحتياط لما كان علة لاستحقاق المؤاخذة على مخالفة نفسه كان رفع وجوبه علة لارتفاع المؤاخذة على نفس وجوب الاحتياط ؛ لا لارتفاع المؤاخذة على التكليف المجهول.
فحاصل الإشكال : أن إيجاب الاحتياط وإن كان أثرا شرعيا للتكليف المجهول وهو قابل للرفع ؛ ولكنه ليس سببا لاستحقاق العقاب على مخالفة التكليف المجهول ؛ بل على مخالفة نفسه كما هو مقتضى سائر الأوامر الصادرة من المولى.
(٣) أي : كما أن استحقاق المؤاخذة هو مقتضى مخالفة غير الاحتياط من الواجبات ؛ كالصلاة والصوم ونحوهما.
(٤) هذا جواب عن الإشكال المذكور ، وتوضيحه يتوقف على مقدمة وهي : أن الوجوب على قسمين : نفسيّ وطريقيّ ، واستحقاق العقاب مختص بالأول دون الثاني ؛ إذ الوجوب الطريقي تابع للواقع ، فلا مؤاخذة عليه في نفسه ، وإنما فائدته المؤاخذة على مخالفة الواقع عند الإصابة ، كما هو الحال في جميع الأوامر الطريقية عند الإصابة.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن تشريع وجوب الاحتياط إنما كان لأجل التحفظ على الواقع عند الجهل به ، فهو نظير الإيجاب الطريقي ، فإن فائدته ليست إلا تنجز الواقع عند الإصابة والعذر عند الخطأ ، ولا يترتب على نفس الطريق غير ما يترتب على موافقة الواقع ومخالفته ، فللمولى مؤاخذة العبد إذا خالف الواقع بترك الاحتياط فيه كصحة مؤاخذته على مخالفة الطريق المصيب.