وتوضيح تعريض المصنف بالشيخ : يتوقف على مقدمة وهي : إن المحتمل في الموصول في «ما لا يعلمون» وجوه ثلاثة :
الأول : أن يراد به : خصوص الفعل غير المعلوم عنوانه ؛ كالفعل الذي لا يعلم أنه شرب الخمر أو الخل كما يقول به الشيخ «قدسسره» ، والحديث حينئذ : مختص بالشبهات الموضوعية ، فلا يصح الاستدلال به على البراءة في الشبهات الحكمية.
الثاني : أن يراد به : الحكم المجهول مطلقا ، يعني : سواء كان منشأ الجهل بالحكم فقد النص أم إجماله ـ كما في الشبهات الحكمية ـ أم اشتباه الأمور الخارجية ؛ كما في الشبهات الموضوعية ، وعليه : فيشمل الحديث كلا من الشبهات الحكمية والموضوعية ؛ ما هو مختار المصنف «قدسسره».
الثالث : أن يراد به : ما يعم الاحتمال الأول والثاني ، يعني : يراد به الحكم والفعل ، وعلى هذين الاحتمالين يتم الاستدلال بالحديث على البراءة في الشبهات الحكمية والموضوعية.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا حاجة إلى تقدير شيء في «ما لا يعلمون» استنادا إلى دلالة الاقتضاء حتى يقال : إن المقدر فيه إما خصوص المؤاخذة ، أو جميع الآثار ، أو الأثر الظاهر المناسب لكل واحد من التسعة كما يقول به الشيخ «قدسسره».
وتوضيح اعتراض المصنف عليه : أنه لا حاجة إلى التقدير في «ما لا يعلمون» بعد إمكان إرادة نفس الحكم الشرعي من الموصول ؛ لأن الحكم بنفسه قابل للوضع والرفع تشريعا ، سواء كان منشأ الجهل به فقد النص أم إجماله ، أم الاشتباه في الأمور الخارجية ، فيكون حديث الرفع بهذا التقريب دليلا على أصل البراءة في الشبهات الحكمية والموضوعية معا ؛ بلا تكلف أصلا.
نعم ؛ دلالة الاقتضاء في غير «ما لا يعلمون» توجب إما تقدير جميع الآثار أو الأثر الظاهر أو المؤاخذة ، وإما الالتزام بالمجاز في الإسناد بلا تقدير شيء ، يعني : أسند الرفع إلى نفس المضطر إليه ؛ ولكن المقصود رفع أمر آخر من المؤاخذة ونحوها ؛ لاستلزام رفع تلك العناوين للكذب لتحققها خارجا قطعا ، فلا بد إما من التقدير أو المجاز في الإسناد حفظا لكلام الحكيم عن الكذب.
الكلام في توضيح العبارات :
قوله : «كان في الشبهة الحكمية ...» الخ بيان لقوله : «مطلقا».