وأما على تقدير الكشف (١) : فلو قيل بكون النتيجة هو نصب الطريق الواصل بنفسه ؛ فلا إهمال فيها أيضا بحسب الأسباب ؛ بل يستكشف حينئذ : أن الكل حجة
______________________________________________________
التفصيل في إهمال النتيجة وتعيينها على الكشف
(١) لما كان معنى حجية الظن على الكشف هو : نصب الشارع الظن ـ حال الانسداد طريقا ، فالوجوه المتصورة في نصب الطريق الظني ثلاثة :
الأول : أن يستكشف بمقدمات الانسداد أن المنصوب هو الطريق الواصل بنفسه ، بمعنى : كون المقدمات الجارية في الأحكام موجبة للعلم بجعل الشارع طريقا معينا وأصلا بنفسه ، فلا حاجة في تعيين ذلك الطريق إلى غير المقدمات الجارية في نفس الأحكام ، وعليه : فالطريق الظني الذي يكشف عنه دليل الانسداد هو كل ما يورث الظن بالحكم مما وصل بنفسه إلى المكلف إذا لم يكن بعض أفراده متيقن الاعتبار بالنسبة إلى بعضها الآخر ، فيكون مثل هذا الظن حجة مطلقا يعني : سواء حصل من الخبر الصحيح أم الموثق أم الحسن أم الضعيف المنجز بعمل المشهور ، أم الإجماع المنقول أم غيرها ، فلو كان بينها تفاوت فالواصل إلى المكلف هو الظن الحاصل من ذلك السبب الخاص كخبر العدل الإمامي دون غيره ؛ لتعلق غرض الشارع بوصول الطريق وتعينه لديه ، فلو لم يكن هذه المزية موجبة لتعينه لزم نقض الغرض ، وسيأتي لازم هذا الوجه من إهمال النتيجة أو تعينها.
الثاني : أن يستكشف بمقدمات الانسداد أن المنصوب هو الطريق الواصل لو بطريقه ، بمعنى : كون المقدمات موجبة للعلم بنصب الشارع طريقا معينا إلى الأحكام ؛ ولو فرض تعينه لنا بغير هذه المقدمات مما يوجب العلم بطريقيته وتعينه ؛ كإجراء مقدمات الانسداد مرة ثانية في نفس الطريق للكشف عنه ، بأن يقال : إن مطلق الظن صار حجة بدليل الانسداد ، ولم يعلم رضا الشارع بخصوص طريق دون آخر ، والاحتياط في الطرق باطل ، وترجيح المرجوح على الراجح قبيح ، ويستكشف منها حينئذ : نصب طريق خاص ، والفرق بين الانسداد الكبير الجاري في نفس الأحكام ، وبين الجاري في الطرق هو : أن الأول يثبت رضا الشارع بتحصيل المكلف الظن بالحكم الشرعي ، وأن الحجة عنده طبيعة الظن بلا نظر إلى الخصوصيات ، وأما الثاني : فيتكفل تعين تلك الطرق الظنية التي اقتضتها مقدمات الانسداد الجارية في الأحكام.
وبالجملة : فالمنصوب على هذا الوجه ما عينته المقدمات ولو بإجرائها مرة ثانية ، وسيأتي لازم هذا الوجه أيضا من إهمال النتيجة أو تعينها.