.................................................................................................
______________________________________________________
الثالث : أن يستكشف بالمقدمات نصب طريق إلى الأحكام واقعا ؛ بمعنى : كون المقدمات موجبة للعلم بنصب الشارع طريقا إلى الأحكام ؛ ولو لم يصل إلينا ، ولم يتعين لنا لا بنفسه ولا بطريق يؤدي إليه كانسداد آخر جار في نفس الطريق. وعليه : فالثابت بمقدمات الانسداد هو حجية ظن بنحو الفرد المنتشر بين الظنون ، مع فرض عدم سبيل إلى إحراز اعتبار واحد منها بالخصوص ـ كالمستفاد من خبر الثقة مثلا ـ مع فرض اختلافها قوة وضعفا ، وسيأتي لازم هذا الوجه أيضا ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٢٣ ـ ٢٤» ـ.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
قوله : «فلا إهمال فيها أيضا» : أي فلا إهمال في النتيجة ، كما لا إهمال فيها بحسب الأسباب ، بناء على الحكومة. وهذا شروع في بيان لازم الوجه الأول ، وحاصله : أنه ـ بناء على كون نتيجة مقدمات الانسداد على الكشف هو نصب الطريق الواصل بنفسه ـ لا إهمال فيها بحسب الأسباب ، فالنتيجة حينئذ : معينة ، وهي إما كلية ، يعني أن الظن حجة من أي سبب حصل ، وإما جزئية ؛ وذلك لأنه إن كان بين الأسباب ما هو متيقن الاعتبار كخبر العادل المزكى بعدلين مثلا ، وكان وافيا بمعظم الفقه فهو حجة معينا دون سائر المظنون ، أما أن المتيقن الاعتبار حجة معينا : فلفرض أقوائية سببه من سائر الأسباب المفيدة للظن الموجبة لتيقن اعتباره ، وأما أن غيره ـ مما لم يتيقن باعتباره من سائر الظنون ـ لا يكون بحجة : فلعدم المجال لاستكشاف حجية غير متيقن الاعتبار بعد فرض أن الحجة هو خصوص الطريق الواصل بنفسه ، وأنه المتيقن اعتباره دون غيره.
وإن لم يكن بين الأسباب ما هو متيقن الاعتبار ، أو كان ولكن لم يف بمعظم الفقه : كانت الحجة هو الظن الحاصل من أي سبب ، عدا ما نهى الشارع عن اتباعه كالقياس. هذا كله بحسب الأسباب.
وكذا بحسب الموارد ـ وهي الأحكام الفرعية من الطهارة والصلاة وغيرهما من أحكام النفوس والأعراض والأموال ـ فإن النتيجة كلية أيضا ؛ إذ لو لم تكن كلية ولو لأجل التردد في بعض الموارد لزم خلاف الفرض ، وهو وصول الحجة بلا واسطة ، يعني : يلزم عدم وصول الحجة بنفسها إلينا ؛ ولو كان عدم وصولها كذلك لأجل التردد في مواردها.
وأما بحسب المرتبة : فالنتيجة مهملة ؛ لاحتمال كون الطريق المنصوب خصوص الظن