ولا يكاد يعم (١) ما إذا ورد النهي عنه في زمان وإباحة في آخر ، واشتبها من حيث التقدم والتأخر (٢).
لا يقال : هذا (٣) لو لا عدم الفصل بين أفراد ما اشتبهت حرمته.
______________________________________________________
الحديث المذكور حسب الفرض ـ لا يجري حينئذ ؛ إذ المفروض : العلم بارتفاع إطلاق ذلك المشكوك الحكم بسبب العلم بورود النهي عنه ، فليس مطلقا حتى تجري فيه أصالة البراءة ، مع أنه لا إشكال في أنه من مجاريها.
وبالجملة : فلو قيد المشكوك الحكم بعنوان «ما لم يرد فيه نهي» لم يشمل هذا الحديث جميع موارد الشك في الحكم التي منها تعاقب الحالتين ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٢٨٧» مع تصرف منّا.
توضيح بعض العبارات :
ضمير «أنه» في قوله : «حيث إنه» راجع على الحكم بإباحة ما لم يرد فيه نهي ، والأولى تبديل «لاختص» ب «يختص» ؛ لأنه «قدسسره» جعله جوابا ل «حيث» المتضمن لمعنى الشرط ، ولم يعهد دخول اللام على جوابه.
(١) أي : لا يكاد يعم الحكم بالإباحة الذي جعل لعنوان «ما لم يرد فيه نهي» ؛ لما إذا ورد النهي عنه في زمان ... الخ.
(٢) كما في موارد تعاقب الحالتين.
(٣) يعني : أن التفاوت المذكور بين العنوانين ـ وهو صيرورة الدليل أخص من المدعى ـ فيما إذا قيد المشكوك الحكم بعنوان «ما لم يرد فيه نهي» مسلم لو لم يثبت عدم الفصل بين أفراد ما اشتبهت حرمته.
كيف؟ وهو ثابت ، حيث إن الأمة بين من يقول بالاحتياط في الشبهات التحريمية مطلقا ـ يعني : سواء كان الفرد المشتبه مما تجري فيه أصالة عدم ورود النهي عنه أم لا تجري فيه ؛ كمورد تعاقب الحالتين ـ كالمحدثين ، وبين من يقول بالبراءة فيها كذلك وهم المجتهدون ، ولم يدع أحد التفصيل بين الأفراد المشتبهة بأن يقول بالبراءة فيما تجري فيه أصالة عدم ورود النهي ويقول بالاحتياط فيما لا تجري فيه كمورد التعاقب ، وعليه : فالتفاوت المذكور مرتفع.
والحاصل : أن إشكال أخصية الحديث من المدعى يندفع بتعميم دلالته بعدم القول بالفصل في الحكم بالإباحة بين أفراد مشتبه الحكم ، فما لا تجري فيه أصالة العدم يلحق بالموارد التي تجري فيها.