يكون مجال هاهنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ؛ كي يتوهم أنها (١) بيانا ، كما أنه مع احتماله لا حاجة (٢) إلى القاعدة ؛ بل في صورة المصادفة استحق (٣) العقوبة على المخالفة ؛ ولو (٤) قيل بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل.
______________________________________________________
وأما إذا كان المراد بالضرر الضرر الدنيوي : فلا يجب دفعه عقلا حتى تثبت كبرى القاعدة المذكورة. هذا معنى انتفاء الكبرى.
هذا خلاصة الكلام في المقام. وهناك بحوث طويلة خارجة عما هو المقصود ، أضربنا عنها رعاية للاختصار المطلوب في هذا الشرح.
فالمتحصل : أن هاتين القاعدتين لهما موردان ولا ترتبط إحداهما بالأخرى ، فإن جرت قاعدة قبح العقاب بلا بيان لم يبق مورد لقاعدة دفع الضرر المحتمل ؛ إذ لا احتمال للضرر حينئذ ، وإن لم تجر قاعدة القبح يلزم عقلا اجتناب الضرر المحتمل ـ وإن قلنا : بأنه لا دليل لوجوب دفع الضرر المحتمل ـ وذلك لأنه لو صادف العمل الواقع المعاقب عليه حسن العقاب ، ولا مانع عنه ؛ لأن المفروض : عدم قبح العقاب ، فالعقل يلزم باجتناب المحتمل لئلا يصادف الواقع فيعاقب. هذا ما أشار إليه بقوله : «بل في صورة المصادفة استحق العقوبة على المخالفة ، ولو قيل بعدم وجوب الضرر المحتمل».
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
قوله : «هاهنا» أي : في الشبهة البدوية بعد الفحص ؛ إذ لا احتمال للعقوبة كما عرفت.
(١) أي : قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل. وضمير «احتماله» راجع على الضرر المراد به العقوبة.
(٢) وجه عدم الحاجة : أن استحقاق المؤاخذة عند احتمال الحكم ثابت لا محتمل حتى يحتاج في دفعه إلى التمسك بقاعدة الدفع ؛ إذ المفروض : استقلال العقل بصحة المؤاخذة على المجهول ، وعدم استقلاله بتوقفها على البيان ، فإذا احتمل أن التكليف الواقعي في شرب التتن مثلا هو الحرمة لزم الاجتناب عنه ؛ لتنجز الواقع بنفس الاحتمال مع عدم مؤمّن لارتكابه ، فإن تنجز الواقع يصحح العقوبة حتى إذا لم نقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فتصح المؤاخذة في صورة الإصابة لوجود المنجز ؛ بل في صورة المخالفة أيضا بناء على ما هو الحق من استحقاق المتجري للعقوبة.
(٣) الأولى أن يقال : «يستحق العقوبة».
(٤) كلمة «لو» وصلية ، وقيد لقوله : «استحق» ، يعني : إذا احتمل الضرر الأخروي في شرب مائع خاص فشربه ، وكان حراما واقعا ، فإنه يستحق العقوبة على مخالفة هذا