واحتج للقول بوجوب الاحتياط فيما لم تقم فيه حجة ، بالأدلة الثلاثة (١):
أما الكتاب (٢) : فبالآيات الناهية عن القول بغير العلم ، وعن الإلقاء في التهلكة والآمرة بالتقوى.
______________________________________________________
في أدلة الأخباريين على وجوب الاحتياط
(١) يعني : «الكتاب ـ السنة ـ العقل».
(٢) استدل الأخباريون بطوائف من الآيات على وجوب الاحتياط :
الأولى : ما دل على النهي عن القول بغير علم ، كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) ، وقوله تعالى : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٢).
الثانية : ما دل على النهي عن الإلقاء في التهلكة ، كقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٣).
الثالثة : ما أمر فيها بالتقوى ، كقوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ)(٤) ، وقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(٥) هذا مجمل الكلام في الآيات.
وأما تفصيل الكلام فيها فيقع في مقامين :
المقام الأول : تقريب الاستدلال بهذه الآيات على وجوب الاحتياط.
المقام الثاني : في الجواب عن الاستدلال بها على الاحتياط.
وأما تقريب الاستدلال بالطائفة الأولى على وجوب الاحتياط :
فلأن الحكم بجواز ارتكاب محتمل الحرمة ونسبته إلى الشارع افتراء على الشارع ، فيكون تشريعا محرما ، وكذلك القول بالإباحة في محتمل الحرمة قول بغير علم ، فيكون محرما بهذه الطائفة من الآيات.
وأما الجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة : فتارة : بالنقض ، وأخرى بالحل.
أما النقض : فيقال : لو كان الحكم بجواز ارتكاب محتمل الحرمة قولا بغير علم لكان القول بوجوب الاحتياط فيه أيضا قولا بغير علم.
وأما الحل : فلأن الحكم بالجواز استنادا إلى ما مر من الأدلة ليس قولا بغير علم ؛ لأن
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) الأعراف : ٣٣.
(٣) البقرة : ١٩٥.
(٤) آل عمران : ١٠٢.
(٥) التغابن : ١٧٠.