عقاب الواقع المجهول : فهو قبيح (١) ، وإن كان نفسيا : فالعقاب على مخالفته (٢) لا على مخالفة الواقع (٣)» ؛ وذلك (٤) لما عرفت من : أن إيجابه يكون طريقيا ، ...
______________________________________________________
ظاهر في مطلوبية الاحتياط في نفسه ، وليس كذلك ؛ بل الغرض منه هو التحفظ على الأحكام الواقعية.
والحاصل : أنه ـ مع بطلان كل من الاحتمالين في استفادة وجوب الاحتياط شرعا من الأخبار المتقدمة ـ لا محيص عن حملها على الإرشاد إلى حكم العقل بلزوم الاجتناب عن الضرر المحتمل.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح كلام الشيخ «قدسسره».
(١) لأن الشيء المجهول لا عقاب عليه ؛ لما تقدم من قاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ إذ لا يرتفع بإيجاب الاحتياط شرعا ما هو مناط قبح العقاب على الحكم الواقعي المجهول وهو الجهل به ؛ كحرمة شرب التتن ، فالعقاب عليه عقاب بلا بيان. وضمير «فهو» راجع على ترتب العقاب على المجهول المستفاد من سياق الكلام.
(٢) أي : مخالفة الاحتياط لكونه حينئذ ذا مصلحة في نفسه ، مع الغض عن الواقع مثل : حصول ملكة التقوى له ، كما ربما يستفاد ذلك من مثل قوله «عليهالسلام» : «فهو لما استبان له من الإثم أترك». وضمير «مخالفته» راجع على الاحتياط.
(٣) مع أن مقصود الأخباريين ـ كما عرفت ـ كون مخالفة الاحتياط موجبة للوقوع في الهلكة من ناحية التكليف المحتمل ؛ لا على مخالفة نفس الاحتياط بما هو.
وكيف كان ؛ فعلى كلا التقديرين لا يمكن أن يكون الاحتياط طاردا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
(٤) تعليل لقوله : «ولا يصغى» يعني : أن وجه عدم الإصغاء إلى ما قيل ما عرفت من «أن إيجابه يكون طريقيا». فهذا رد لجواب الشيخ «قدسسره» عما أورده على نفسه من الإشكال المتقدم ، وقد عرفت الإشكال مع جوابه.
وتوضيح هذا الرد من المصنف على الشيخ «قدسسرهما» : أن الأمر المولوي بالاحتياط ـ على فرض تسليم وجوبه شرعا ـ لا ينحصر في القسمين الباطلين أعني : النفسي والمقدمي ؛ ليبطل وجوب الاحتياط ، وتجري أدلة البراءة بلا معارض ، بل هناك قسم آخر منه ـ وهو الوجوب الطريقي بمعنى إيجاب الاحتياط بداعي تنجيز الحكم الواقعي المجهول ؛ بأن يكون الغرض من إنشاء وجوب الاحتياط إقامة الحجة على التكليف الواقعي المجهول ؛ بحيث توجب تنجزه وحفظه حال الجهل به ، لاهتمام الشارع