وأما العقل (١) : فلاستقلاله بلزوم فعل ما احتمل وجوبه وترك ما احتمل حرمته ، حيث (٢) علم إجمالا بوجود واجبات ومحرمات كثيرة فيما اشتبه وجوبه أو حرمته ؛ مما (٣) لم يكن هناك حجة ، على حكمه تفريغا (٤) للذمة بعد اشتغالها ، ولا خلاف (٥) في لزوم الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي إلا من بعض الأصحاب (٦).
______________________________________________________
وقد تقدم الكلام في الكتاب والسنة ، وبقي الكلام في الاستدلال بالعقل على وجوب الاحتياط.
في الاستدلال بالعقل للقول بالاحتياط
(١) بعد أن فرغ المصنف من بيان الدليل النقلي على وجوب الاحتياط تعرض للدليل العقلي وقد قرر هذا الدليل بوجهين :
أحدهما : هو هذا. وثانيهما : ما أشار إليه بقوله الآتي.
وربما استدل بما قيل من استقلال العقل بالحظر في الأفعال الغير الضرورية قبل الشرع.
وأما تقريب هذا الوجه : فيتوقف على مقدمة وهي : أن هناك صغرى وجدانية ، وكبرى برهانية.
وأما الصغرى فهي : أن كل مكلف بمجرد التفاته يعلم إجمالا بوجود واجبات ومحرمات كثيرة في موارد الشك في الوجوب والحرمة.
وأما الكبرى فهي : استقلال العقل بتنجز التكاليف الشرعية بالعلم الإجمالي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه قد تقرر في محله وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي ، فلا بد من فعل كل ما احتمل وجوبه ، وترك كل ما احتمل حرمته تفريغا للذمة المشغولة قطعا ؛ لاقتضاء الاشتغال اليقيني البراءة اليقينية.
(٢) ظرف وتعليل لقوله : «فلاستقلاله» ، وإشارة إلى الصغرى المذكورة وهي العلم الإجمالي بوجود تكاليف إلزامية في الشريعة.
(٣) بيان للموصول في «فيما» ، وهو يتعلق ب «وجود». وضمير «حكمه» راجع على الموصول في «مما».
(٤) تعليل لاستقلال العقل بالاحتياط ، يعني : أن علة هذا الحكم العقلي هو لزوم تفريغ الذمة عما اشتغلت به.
(٥) إشارة إلى الكبرى المتقدمة أعني : منجزية العلم الإجمالي للتكليف.
(٦) وهو المحقق القمي «قدسسره» ، حيث جعل العلم الإجمالي كالشك البدوي ؛