والجواب (١) : أن العقل وإن استقل بذلك ، إلا إنه إذا لم ينحل العلم الإجمالي إلى
______________________________________________________
إلا إن الحق خلاف ذلك فإن العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي في المنجزية ، فيكون علة تامة لكل من الموافقة والمخالفة القطعيتين.
(١) وحاصل جواب المصنف هو : دعوى انحلال العلم الإجمالي.
وتوضيح مراد المصنف من الانحلال يتوقف على مقدمة وهي : بيان صور الانحلال ؛ بحيث لا يكون العلم الإجمالي منجزا للتكليف بعد الانحلال ، وهي ثلاثة :
الأولى : الانحلال الحكمي ، بمعنى : زوال أثر العلم الإجمالي من التنجيز وإن كان باقيا بنفسه ، وذلك كما في موارد قيام الأمارات على تعيين المعلوم بالإجمال في أحد الأطراف ، فإنه لا يكون منجزا في الطرف الآخر.
الثانية : الانحلال الحقيقي : وهو على قسمين : الأول : الانحلال الحقيقي التكويني بواسطة العلم التفصيلي بالمعلوم بالإجمال ؛ كما إذا علم إجمالا بوقوع قطرة بول في أحد هذين الإناءين ، ثم علم تفصيلا بأن قطرة البول وقعت في هذا الإناء المعين ، فإن العلم الإجمالي يزول قهرا ؛ إذ لا تردد بعد العلم التفصيلي.
الثاني : الانحلال الحقيقي ، ولكن لا بواسطة حدوث علم تفصيلي ؛ بل بواسطة انكشاف عدم تعلق العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي على كل تقدير ، فيزول أثره وهو التنجيز ، ويصح أن نعبر عن مثل هذا العلم الإجمالي بالعلم الإجمالي البدوي ؛ لأنه يزول بعد ذلك ، كما في موارد تعلق العلم الإجمالي بتكليف مردد بين ما هو محل الابتلاء ، وما هو ليس بمحل الابتلاء ، فإن العلم الإجمالي يحدث بدوا ؛ لكن بعد معرفة أن أحد طرفيه خارج عن مورد الابتلاء المنافي لتعلق التكليف الفعلي به ، يزول العلم الإجمالي وينكشف بأنه لا تكليف على كل تقدير من أول الأمر ، وأن العلم الإجمالي كان وهميا. فهذه الصورة ليست عبارة عن انحلال العلم الإجمالي ، بل عبارة عن زواله لانكشاف الخلاف نظير موارد الشك الساري.
والجامع بين هذه الأقسام هو : عدم تنجز التكليف بالعلم الإجمالي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه قد جمع المصنف في جوابه جميع أقسام الانحلال ، فقد أشار إلى الانحلال الحكمي في صدر جوابه ، وإلى الانحلال الحقيقي التكويني في ذيل كلامه بقوله : «هذا إذا لم يعلم بثبوت التكاليف الواقعية ...».
وأما بيان الانحلال الحكمي فحاصله : أن منجزية العلم الإجمالي وإن كانت مما يستقل بها العقل ؛ لكنها منوطة ببقاء العلم الإجمالي على حاله وعدم انحلاله إلى علم