لكنك غفلت (١) عن أن المراد (٢) : ما إذا كان اليقين بالاعتبار من قبله (٣) لأجل
______________________________________________________
وأما تقريب الوهم ـ وهو الإشكال على التفصيل المزبور ـ فيقال : إنه لا مجال لدليل الانسداد مع وجود القدر المتيقن ؛ إذ لو كان في الظنون ظن متيقن الاعتبار بمقدار واف لمنع ذلك عن دليل الانسداد من أصله ، كيف؟ ومن مقدماته انسداد باب العلمي بمعظم الأحكام ، وهو الظن المعلوم اعتباره المعبر عنه بالظن الخاص.
وعليه : فينهدم أساس الانسداد بناء على وجود المتيقن الوافي ؛ لما عرفت من : أن العمدة هو انسداد باب العلمي ، وعلى تقدير وجود الطريق المتيقن الاعتبار ـ كخبر العدل أو الثقة ـ يفتح باب العلمي ، فلا بد من رفع اليد إما عن هذا التفصيل يبقى الكلام على الانسداد سليما عن الإشكال ، وإما من الخروج عن فرض الانسداد إلى الانفتاح وهو خلف. هذا تمام الكلام في تقريب الوهم.
وأما الدفع : فحاصله : أن وجود القدر المتيقن إنما ينافي الانسداد إذا لم يكن للانسداد دخل فيه ، وأما إذا كان القدر المتيقن مستندا إلى الانسداد ومعلولا له : فلا ينافيه ؛ لامتناع أن يكون المعلول منافيا لعلته.
توضيح استناد القدر المتيقن إلى الانسداد : أن نتيجة الانسداد هي اليقين بنصب الطريق. وهناك يقين آخر وهو القطع بالملازمة بين نصب الطريق ، وبين كون الطريق المنصوب هو القدر المتيقن ، وهذا اليقين وإن لم يكن مستندا إلى دليل الانسداد ؛ لكن اليقين الأول مستند إليه وهو كاف في دخالته في حصول القدر المتيقن ؛ لأن اليقين بأحد المتلازمين دليل على الملازم الآخر ، فاليقين بنصب الطريق شرعا ـ الذي هو نتيجة دليل الانسداد وأحد المتلازمين ـ دليل على حجية خبر العادل مثلا وهو الملازم الآخر.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
قوله : «أيضا» أي : كانسداد باب العلم ، وضمير «مقدماته» راجع على دليل الانسداد.
(١) هذا دفع الإشكال ، وقد تقدم توضيح ذلك.
(٢) أي : المراد بقوله : فيما تقدم : «لو لم يكن بينها متيقن الاعتبار ...».
(٣) أي : من قبل دليل الانسداد ، يعني : أن اليقين بالاعتبار ينشأ من ناحية دليل الانسداد لا غيره حتى ينافيه ، ومن المعلوم : أن اليقين بالاعتبار الذي هو معلول الانسداد لا ينافي عليته أصلا.