اليقين (١) بأنه لو كان شيء حجة شرعا كان هذا الشيء حجة قطعا ، بداهة : أن (٢) الدليل على أحد المتلازمين إنما هو الدليل على الآخر ؛ لا الدليل على الملازمة.
______________________________________________________
(١) تعليل لحصول اليقين بالاعتبار من دليل الانسداد ، يعني : أن الوجه في حصول اليقين باعتبار طريق مخصوص كخبر العادل من دليل الانسداد هو أن دلالة دليل الانسداد ـ الكاشف عن نصب طريق فرض كونه أحد المتلازمين ـ على الملازم الآخر وهو اعتبار المتيقن كخبر العادل أو الثقة إنما هي بواسطة اليقين بالملازمة المزبورة ، الذي هو واسطة ثبوتية للدلالة المذكورة ، فقوله : «لأجل اليقين» معناه : لأجل اليقين بالملازمة.
الضمير في قوله «بأنه» للشأن يعني : لو كان طريق حجة شرعا كان خبر الثقة حجة قطعا ، وهذه القضية هي تقريب الملازمة المذكورة ، ومنشأ القطع باعتباره غلبة مطابقته للواقع ، فالمراد من «شيء» الفرد المنتشر من الطريق ، ومن «الشيء» خصوص فرد معين كخبر العدل مثلا ، والتقييد بقوله : «شرعا» لأجل ابتناء أصل التوهم على حجية الظن على نحو الكشف لا الحكومة.
(٢) تعليل لكون المراد ما إذا كان اليقين بالاعتبار من قبل دليل الانسداد ، فهو في الحقيقة إشارة إلى دفع ما يمكن أن يتوهم في المقام من أن الإشكال المزبور ـ وهو كون القدر المتيقن الوافي منافيا لدليل الانسداد ، لفرض : انفتاح باب العلمي حينئذ ـ لم يندفع بما تقدم من أن اليقين بالاعتبار مستند إلى دليل الانسداد ، وهو كاف في انسداد باب العلمي أي : الظن الخاص.
وجه عدم الاندفاع : أن القطع بحجية ظن وإن كان مستندا إلى دليل الانسداد ؛ لكن اليقين بالملازمة بينه وبين حجية خبر العادل مثلا مستند إلى الخارج لا إلى دليل الانسداد ، فيعود المحذور وهو عدم انسداد باب العلمي والظن الخاص.
توضيح دفع التوهم ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٣٨» ـ أن الدليل على التلازم بين شيئين ليس دليلا على وجود المتلازمين أو أحدهما حتى يعود المحذور ، أعني : انفتاح باب العلمي ؛ وذلك لأن دليل التلازم لا يثبت إلا الملازمة بين شيئين ، وأما وجود نفس الشيئين المتلازمين ، أو وجود أحدهما : فيحتاج إلى دليل آخر.
وفي المقام نقول : إن الدليل على التلازم بين حجية طريق وحجية خصوص خبر العادل مثلا ـ كقوله : لو نصب الشارع طريقا لكان خبر العادل حجة ـ لا يستفاد منه إلا وجود العلقة بينهما واقعا ، وأنه إذا ثبت أحدهما ـ وهو حجية الطريق ـ ثبت الآخر ، أعني : حجية خبر العادل أيضا ، وأما أن الطريق حجة فعلا ؛ حتى يكون العادل حجة